يعني أنّ الانطلاق من الصّرّة ثابت للدّرهم دائما (١) قال الشّيخ عبد القاهر : موضوع الاسم (٢) على أن يثبت به الشّيء للشّيء من غير اقتضاء (٣) أنّه يتجدّد ويحدث شيئا فشيئا ، فلا تعرّض (٤) في زيد منطلق لأكثر من إثبات الانطلاق فعلا له ،
______________________________________________________
لا يتجدّد ، وأنّ الدّراهم ليس لها استقرار ما في الصّرّة ، وهذا مبالغة في مدحهم بالكرم ، وفي قوله : «لكن يمرّ عليها» تكميل لهذا المعنى ، فالأحسن حينئذ نصب «الدّرهم المضروب» على أن يكون مفعولا لقوله : «لا يألف» ليكون عدم الألفة من جانب الصّرّة ، وإن كان المشهور نصب الصّرّة على أنّها مفعول لقوله : «لا يألف».
(١) أي من غير اعتبار تجدّده وحدوثه في زمان من الأزمنة الثّلاثة ، لأنّ مقام المدح يقتضي دوام ذلك ، كما يدلّ عليه قوله قبل هذا.
إنّا إذا اجتمعت يوما دراهمنا |
|
ظلّت إلى طرق الخيرات تستبق |
(٢) أي الاسم المسند في التّركيب موضوع لأجل «أن يثبت به الشّيء للشّيء ...» هذا تعريض على المصنّف حيث قال : «وأمّا كونه اسما فلإفادة الدّوام» مع أنّ الشّيخ عبد القاهر قال في وضع الاسم : لمجرّد إثبات الشّيء لشيء ، سواء كان دائما أو متجدّدا.
ويمكن الجمع بين كلام المصنّف والشّارح وبين كلام الشّيخ بما حاصله : إنّ الاسم موضوع لتحقّق المحمول للموضوع بحسب الوضع ، وأمّا الدّوام فمن قرينة خارجيّة لا بحسب الوضع.
(٣) أي لعدم المقتضي فيه ، بخلاف الفعل ، فإنّه فيه مقتضيا له ، وهو الزّمان الّذي يستلزم التّجدّد.
(٤) أي إذا كان الأمر كذلك «فلا تعرّض في زيد منطلق لأكثر من إثبات الانطلاق فعلا له» أي لزيد ، وأمّا إفادة الدّوام فمن المقام والخارج ، كغرض المدح أو الذّمّ ، فلا منافاة بينه وبين كلام الشّارح المتقدّم ، حيث قال : «يعني لإفادة الدّوام والثّبوت» ، لأنّ كلام الشّيخ بعدم دلالة الاسم على الدّوام بحسب الوضع ، وكلام الشّارح بإفادة الدّوام باعتبار القرائن الخارجيّة.