هو النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم إشراكه (١) مقطوع به (٢) ، لكن جيء بلفظ (٣) الماضي إبرازا للإشراك الغير الحاصل في معرض الحاصل (٤) على سبيل الفرض والتّقدير ، تعريضا (٥)
______________________________________________________
أفرد ضمير الخطاب ، للإشارة إلى أنّ الحكم المذكور قد خوطب به كلّ واحد واحد منهم على حدة ، لا أنّه توجّه إليهم مرّة واحدة ، أي قيل : لكلّ واحد واحد منهم (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) لا أنّه قيل للجميع مرّة واحدة : لئن أشركتم ليحبطنّ أعمالكم.
(١) أي المخاطب ، وهو النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) أي في جميع الأزمنة ، لأنّ الأنبياء معصومون عن الشّرك قبل البعثة وبعدها.
(٣) أتى بكلمة لفظ الماضي للإشارة إلى أنّ المعنى على الاستقبال ، كما هو مفروض الكلام.
(٤) أي إبرازا للإشراك الّذي هو غير حاصل من النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحد من الأزمنة في معرض الحاصل. و «على» في قوله : «على سبيل الفرض ...» متعلّق بالحاصل الثّاني ، أي الإشراك الّذي فرض وقوعه منه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الماضي.
(٥) مفعول له لقوله : «إبرازا» وجه التّعريض أنّ الفعل إذا رتّب عليه وعيد في حال نسبته فرضا وتقديرا إلى ذي شرف ، وهو لم يحصل منه ، يفهم منه المخاطبون على حسب سليقتهم العرفيّة أنّ الوعيد واقع على من صدر منه ذلك الفعل.
ولهذا التّعريض فائدتان : إحداهما : توبيخ الكفار بأنّ أعمالهم كأعمال الحيوانات العجّم لا ثمرة فيها ، لأنّ إشراك أشرف الخلق إذا كان يحبط ويبطل عمله ، فإشراك غيره يكون محبطا بطريق أولى.
وثانيتهما : إذلال المشركين وتحقيرهم بأنّهم غير لائقين بالخطاب لكونهم في حكم البهائم ، فهم وإن كانوا متّصفين بالإشراك ، لكن لخسّتهم ونقص عقولهم ، لا يستحقّون الخطاب ، فلا بدّ من نسبة الإشراك إلى غيرهم ، على سبيل الفرض والتّقدير ، وجعله مخاطبا ظاهرا.
لا يقال : إنّ الفائدة الأولى لا مجال لها ، لأنّ المشركين لا يعتقدون بنوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يظنّون ، ويستفدون حبط أعمالهم بالشّرك على نحو الأوّلويّة المذكور.
لأنّا نقول : إنّ الفائدة الأولى فائدة بالإضافة إلينا ، لا بالإضافة إليهم على أنّهم يستفيدون أنّ الآية مسوقة لتوبيخهم ، وإن كانوا غير معتقدين بنبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّه يجدي فيه علمهم