بمن صدر عنهم الإشراك بأنّه قد حبطت أعمالهم ، كما إذا شتمك أحد ، فتقول : والله إن شتمني الأمير لأضربنّه (١) ، ولا يخفى (٢)
______________________________________________________
بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعي كونه نبيّا ، وأشرف الخلق.
(١) أي تعريضا بأنّ من شتمك يستحقّ العقوبة ، وأنّك تضربه ، وإن كان أميرا ، فتميل الكلام إلى جانب ، أي ضربك الأمير على تقدير صدور الشّتم منه ، لينتقل إلى الذّهن بالقرينة منه إلى ما هو المقصود ، وهو ضربك المخاطب الّذي صدر منه الشّتم.
(٢) هذا الكلام ردّ لاعتراض الخلخالي على السّكّاكي ، فلابدّ أوّلا من بيان الاعتراض ، وثانيا ردّ ذلك.
وحاصل الاعتراض : إنّ التّعريض عامّ لمن صدر منهم الإشراك في الماضي وغيرهم ، ممّن يصدر منهم الإشراك في الاستقبال ، وهذا التّعريض يحصل بإسناد الفعل أي الإشراك إلى من يمتنع صدوره منه سواء كان بصيغة الماضي أو المضارع ، أعني لئن تشرك ، فعليه لا وجه لما ذكره السّكّاكي من أنّ العدول من المستقبل إلى الماضي قد يكون للتّعريض ، كما في قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) الآية.
وحاصل ردّ الشّارح على الخلخالي : أنّ ما ذكره أوّلا : من أنّ التّعريض عامّ لمن صدر منهم الإشراك وغيره لا أساس له ، لأنّ المقصود من التّعريض التّوبيخ والتّبكيت ، ولا ريب أنّ من لم يصدر منه الإشراك بعد لا يستحقّ الذّمّ والتّوبيخ ، وإن كان بحيث سيصدر منه الإشراك.
وما ذكره ثانيا : من أنّ التّعريض يحصل بلفظ المضارع إذا أسند إلى من يمتنع صدور الإشراك منه ، أيضا لا أساس له ، لأنّ كلمة إن مع لفظ المضارع تكون جائية على وفق الأصل ، وما يكون كذلك لا يحتاج إلى نكتة ، وإنّما المحتاج إليها الأمور الخارجة عن أصلها ، كما لو استعملت كلمة إن مع لفظ الماضي.
ثمّ ما ذكره الشّارح بالإضافة إلى ما ذكره الخلخالي أوّلا وإن كان في محلّه ، فإنّ التّوبيخ إنّما يكون على ما وقع من القبيح ، لا على ما سيقع منه ، إلّا أنّ ما ذكره بالنّسبة إلى ردّ ما ذكره الخلخالي ثانيا ، لا يرجع إلى محصّل صحيح ، وذلك لأنّ استعمال إن مع الفعل المسند إلى من يعلم انتفاؤه منه يكون على خلاف الأصل ، لما عرفت من أنّ الأصل فيه عدم الجزم بالوقوع واللّاوقوع ، فاستعمالها في مقام الجزم بلا وقوع الشّرط يكون على خلاف الأصل ، فلابدّ له