أنّه لا معنى للتّعريض بمن لم يصدر عنهم الإشراك ، وأنّ ذكر المضارع لا يفيد التّعريض لكونه على أصله ، ولما كان في هذا الكلام (١) نوع خفاء وضعف (٢)
______________________________________________________
من نكتة ، وفي المقام التّعريض على من صدر منه الإشراك صالح لأن يكون نكتة له ، ودعوى منع الصّلاحيّة مكابرة واضحة ، فإنّ أهل العرف كما يفهمون التّعريض على من صدر منه الإشراك مثلا عن إسناده بلفظ الماضي إلى من يمتنع صدوره منه ، كذلك يفهمونه عن إسناده بلفظ المضارع إليه ، كما أنّه لا يستفاد التّعريض على كلا التّقديرين بالإضافة إلى من سيصدر منه الإشراك ، وإن يستفاد حبط عمله عند صدوره منه في الاستقبال بفحوى الخطاب ، وذلك لما أشرنا إليه من أنّ التّوبيخ على ما وقع من القبيح لا على ما سيقع منه.
(١) أي قول السّكّاكي حيث قال : «أو للتّعريض» ، كقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) الآية.
(٢) إشارة إلى بيان نكتة نسبة هذا الكلام إلى السّكّاكي دون ما قبله ، مع أنّ الكلّ مذكور في كتابه ، والحاصل أنّه لما كان هذا الكلام مشتملا على الخفاء والضّعف نسبه إلى السّكّاكي.
أما الخفاء فظاهر ، كما يدلّ عليه ذهاب الخلخالي بأنّه تعريض بمن صدر عنه الشّرك ، ولم يفرّق بين التّعريض والتّوعيد ، ولم يلتفت أنّه مستعمل على وفق الأصل ، فلا يحتاج إلى النّكتة ، كما عرفت في ردّ الشّارح عليه.
وأما الضّعف فلأنّ اللّام الموطّئة للقسم توجب كون الشّرط ماضيا على ما قرّر في النّحو ، فلا دخل في كون الشّرط ماضيا في نحو : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) الآية ، للتّعريض ، وما يقال من أنّه لا مانع من الالتزام بكونه مفيدا للتّعريض ، وإن كان الكلام مشتملا على اللّام الموطّئة لعدم التّنافي بين المقتضيات ، لا يرفع الضّعف ، إذ يحتمل أن لا يكون مجيء الشّرط ماضيا ، في نحو : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) للتّعريض ، بل كان من جهة اللّام الموطّئة ، ومعه لا يثبت ما ذكره من أنّ التّعبير بالماضي لإبراز غير الحاصل في معرض الحاصل قد يكون للتّعريض ، كما في قوله تعالى ، إذ مع وجود هذا الاحتمال لا يصحّ الاستدلال به.