نسبه إلى السّكّاكي ، وإلّا (١) فهو قد ذكر جميع ما تقدّم ، ثمّ قال : [ونظيره] ، أي نظير] لئن أشركت [في التّعريض (٢)] لا في استعمال الماضي مقام المضارع في الشّرط للتّعريض قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) أي وما لكم لا تعبدون الّذي فطركم ، بدليل (٣)
______________________________________________________
(١) أي وإن لم يكن في هذا الكلام الخفاء والضّعف ، «فهو» أي السّكّاكي «قد ذكر جميع ما تقدّم» من الأمور الأربعة ، أعني التّفاؤل ، وإظهار الرّغبة ، وكون ما هو للوقوع كالواقع ، وقوّة الأسباب المتآخذة في حصول الشّرط.
(٢) أي في مجرّد التّعريض بالغير «لا في استعمال الماضي مقام المضارع في الشّرط للتّعريض» إذ لا شرط ولا ماضي ، ولا إبراز غير الحاصل في معرض الحاصل في قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي)(١) بخلاف قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ ،) ومن هنا ظهر وجه أنّه لم يقل ونحو : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) وقال : «ونظيره» ، وذلك للفرق بينهما لفظا ، فإنّ أحدهما أي قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) شرط دون الآخر أي قوله : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ).
وأحدهما إبراز في معرض الحاصل دون الآخر. وأيضا بينهما فرق معنى من جهة أنّ قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) ليس محض تعريض ، بل للمخاطب منه نصيب ، لأنّ هذا الحكم في حقّه متحقّق ، بخلاف (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) فإنّه محض تعريض ، وكيف كان فقوله : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) حكاية ما قاله الرّجل الّذي جاء إلى أهل الأنطاكيّة من أقصاها ، أي أيّ شيء لي إذا لم أعبد خالقي الّذي أنشأني وأنعم علي ، وهداني ، وإليه ترجعون أيها القوم عند البعث ، فيجزيكم بكفركم.
والشاهد فيه : قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) حيث أسند المتكلّم عدم العبادة إلى نفسه ، مع أنّ متلبّس بالعبادة له سبحانه تعريضا بمن لم يكونوا عابدين له تعالى.
(٣) أي ففيه تعريض بالمخاطبين الّذين لا يعبدون الله بدليل (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بصيغة الخطاب ، إذ لو لا الإشارة إلى المخاطبين بهذا الإنكار على وجه التّعريض ، لكان المناسب أن يقول : وإليه أرجع ، فإنّه الموافق للسّياق ، ثمّ تفسير الشّارح أعني «أي وما لكم لا تعبدون الّذي فطركم» ليس بيانا للمعنى الّذي استعمل فيه قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ ،) بل هو بيان لما هو المراد الجدّيّ منه ، فإنّ المراد الاستعمالي إنكار المتكلّم على نفسه عدم العبادة لله تعالى ، لا الإنكار على المخاطبين ، وإنّما هو المراد الجدّيّ له.
__________________
(١) سورة يس : ٢٢.