منشأ هذا الاعتراض قلّة التّأمّل ، لأنّه ليس معنى قولهم : لو لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل ، أنّه يستدلّ بامتناع الأوّل على امتناع الثّاني ، حتّى يرد عليه (١) أنّ انتفاء السّبب (٢) أو الملزوم (٣) لا يوجب انتفاء المسبّب (٤) أو اللّازم (٥) بل معناه (٦) أنّها (٧)
______________________________________________________
(١) أي على قول الجمهور.
(٢) ناظر إلى مقالة ابن الحاجب.
(٣) ناظر إلى مقالة الرّضي رحمهالله.
(٤) وذلك لجواز تعدّد السّبب.
(٥) وذلك لجواز كون اللّازم أعمّ.
(٦) أي معنى قول الجمهور «لو لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل».
(٧) أي كلمة لو «للدّلالة على أنّ انتفاء الثّاني» أي الجزاء «في الخارج إنّما هو» أي الانتفاء «بسبب انتفاء الأوّل» أي الشّرط ، وحاصل المعنى إنّ كلمة لو للدّلالة على أنّ عدم وجود الجزاء في الخارج إنّما هو بسبب عدم وجود الشّرط فيه ، ففي قولنا : لو كانت الشّمس طالعة لكان العالم مضيّئا ، إنّ لو تدلّ على أنّ انتفاء الضّوء في الخارج إنّما هو بسبب انتفاء طلوع الشّمس.
لا يقال : إنّه لا وجه للقول بانتفاء الثّاني في الخارج بسبب انتفاء الأوّل ، إذ قد ذكرتم في تقرير دليل ابن الحاجب أنّ العلم بانتفاء الثّاني لا يحصل بالعلم بانتفاء الأوّل ، لجواز تعدّد الأسباب ، وهذا بعينه يجري في الانتفاء الخارجي فإنّ عموم السّبب وكثرة أفراده ثابت بالإضافة إلى صقع الخارج أيضا ، فينبغي أن لا يحصل انتفاء الثّاني في الخارج بسبب انتفاء الأوّل ، لاحتمال أن يوجد سبب آخر يستدعي وجوده.
لأنّا نقول : إنّ انتفاء الشّرط والجزاء معلوم في موارد استعمال لو ، وإنّما المجهول سبب انتفاء الثّاني في الخارج ، فيؤتى بها للدّلالة على أنّ سببه هو الأوّل ، فإذا لا وجه للقول بأنّ ما ذكرتم في تقرير دليل ابن الحاجب يأتي هنا أيضا لعموم تعدّد الأسباب خارجا أيضا ، فينبغي أن لا يحصل انتفاء الثّاني في الخارج بسبب انتفاء الأوّل ، وذلك لاحتمال وجود سبب آخر ، إذ بعد فرض كون الانتفاء معلوما ، لا مجال لاحتمال عدم الانتفاء لمكان وجود سبب آخر يستدعي وجوده.