للدّلالة على أنّ انتفاء الثّاني في الخارج إنّما هو بسبب انتفاء الأوّل ، فمعنى (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ)(١) (١) إنّ انتفاء الهداية (٢) إنّما هو بسبب انتفاء المشيئة ، يعني أنّها (٣) تستعمل للدّلالة على أنّ علّة انتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي انتفاء مضمون الشّرط (٤) من غير التفات (٥)
______________________________________________________
(١) وفي ذكر هذه الآية تعريض على ابن الحاجب والرّضي ، بأنّهما لم يهتديا لفهم ما هو المراد من عبارة جمهور أهل العربيّة.
(٢) أي في الخارج أعني انتفاء الهداية في الخارج إنّما هو بسبب انتفاء المشيئة في الخارج ، وذلك لأنّ مشيئة الله غالبة وجودا وعدما ، وليس معناه عندهم أنّ سبب العلم بانتفاء الهداية هو العلم بانتفاء المشيئة ، كما تخيّله ابن الحاجب والرّضى وأتباعهما.
(٣) أي كلمة لو.
(٤) أي فالانتفاءان معلومان ، وإنّما المجهول علّة انتفاء الثّاني ، فيؤتى بلو لإفادة أنّها انتفاء الأوّل.
(٥) أي من غير التفات الجمهور في قولهم : «لو لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل» ، «إلى أنّ علّة العلم بانتفاء الجزاء ما هي» أو من غير التفات المتكلّم عند ما يقول : لو قام زيد لقام عمرو ، مثلا ، إلى أنّ علّة العلم بانتفاء الجزاء ما هي ، حيث إنّ المفروض أنّ كلمة لو تستعمل لإفادة أنّ علّة الانتفاء ما هي ، حيث إنّ المفروض أنّ كلمة لو تستعمل لإفادة أنّ علّة الانتفاء ما هي ، بعد فرض كون انتفاء الطّرفين معلوما للمخاطب ، وكذا علّة العلم به ، والاحتمال الأوّل أعني من غير التفات الجمهور أولى وأوفق بالمقصود ، إذ لو التفت إلى أنّ علّة العلم بانتفاء الجزاء ما هي ، لكان استدلالا ، فيرد عليه ما اعترضه ابن الحاجب ومتابعوه من أنّ انتفاء السّبب أو الملزوم لا يوجب انتفاء المسبّب أو اللّازم ، وأمّا إذا لم يلتفت إلى ذلك فلا يرد شيء ممّا ذكروه.
وبالجملة قد زعم ابن الحاجب حيث فهم أنّ مرادهم أنّ انتفاء الأوّل علّة للعلم بانتفاء الثّاني ، ودليل عليه ، فاعترض عليهم بما مرّ.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٤٩.