الاسميّة المثبتة تفيد تأكيد الثّبوت ودوامه (١) ، والمنفيّة (٢) تفيد تأكيد النّفي ودوامه لا نفي التّأكيد والدّوام ، كقوله تعالى : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)(١) (٣)
______________________________________________________
(١) أي دوام الثّبوت فيكون دوامه عطفا تفسيريّا للثّبوت ، فالمراد به الثّبات بمعنى الدّوام لا الثّبوت مقابل النّفي ، ثمّ إنّ إفادتها هذا ، إنّما هو إذا كانت مكتنفة بما يناسب ذلك من خصوصيّة المقام ، كمقام المدح أو الذّمّ أو التّرحّم ، أو نحو ذلك فإنّ الجملة الاسميّة المثبتة من حيث هي هي ، لا تدلّ إلّا على مجرّد الثّبوت ، وإنّما تدلّ على تأكيد الثّبوت باعتبار خصوصيّة المقام ، وهكذا المنفيّة.
(٢) أي الجملة الاسميّة المنفيّة «تفيد تأكيد النّفي» أي استمرار الانتفاء ، فدخول النّفي على قولنا : زيد قائم ، يؤكّد عدم القيام لزيد.
لا يقال : إنّه لا مجال لهذا القول ، لأنّ مقتضى القاعدة التّي ذكرها الشّيخ من أنّ النّفي يتوجّه إلى قيد زائد في الكلام ، أن تفيد الجملة الاسميّة المنفيّة نفي الدّوام والتّأكيد ، لا دوام النّفي وتأكيده.
لأنّا نقول : إنّ ذلك فيما إذا اعتبر القيد سابقا على النّفي ، وأمّا إذا اعتبر تقدّم النّفي على القيد ، فإنّما تفيد الجملة الاسميّة المنفيّة حينئذ تأكيد النّفي ، أو يقال : إنّ إفادة تأكيد النّفي استعمال آخر للنّفي.
(٣) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ،) وتوضيح ذلك إنّ الكفار والمنافقين قد ادّعوا حدوث الإيمان ، حيث قالوا آمنّا فردّ الله سبحانه مقالتهم بقوله : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) فلابدّ أن يكون المراد به تأكيد نفي إيمانهم لا نفي التّأكيد ، إذ مقتضاه ثبوت أصل إيمانهم ، وهذا عين دعواهم ، فلا يكون ردّا لهم ، فمن ذلك صرّح أرباب التّفسير وغيرهم بأنّ قوله تعالى : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) ردّ لهم على آكد وجه.
__________________
(١) سورة البقرة : ٨.