والدّاخل عليه لو (١) يفيد استمرار الامتناع (٢) كما أنّ الجملة (٣)
______________________________________________________
وثانيتهما : استجلاب قلوبهم واستمالتهم ، حيث إنّ استمرار إطاعته لهم وإن كان مستلزما لوقوعهم في المشقّة أو الهلاك من جهة لزوم اختلال الرّياسة والرّسالة ، إلّا أنّ طاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهم في قليل من الأمر مستلزم لجلب قلوبهم ، وعدم تنفّرهم منه صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا بخلاف الوجه الثّاني حيث إنّ الشّرط حينئذ امتناع إطاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهم ونفيها أصلا ، ومن المعلوم أنّ عدم إطاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم أصلا موجب لتنفّرهم منه وعداوتهم له.
نعم اللّازم تقدير المضاف حينئذ في كلام المصنّف ، أي لقصد امتناع استمرار الفعل ، كما قيل ، لكن يمكن الاستغناء عنه بدعوى أنّ قوله : «لقصد استمرار الفعل» ناظر إلى مدخول لو فقطّ ، فبعد مجيء الامتناع من ناحيتها يصبح المعنى امتناع استمرار الفعل ، فالفعل أعني الإطاعة منفي على الوجه الثّاني ، دون الوجه الأوّل ، وهنا بحث تركناه رعاية للاختصار.
(١) أي لفظ لو الّذي يجعل المثبت منفيّا والمنفي مثبتا.
(٢) لأنّه يعتبر أوّلا دخول النّفي المستفاد من لو ، ثمّ يعتبر الاستمرار فيتوجّه الاستمرار إلى النّفي والامتناع دون العكس ، كما يعتبر النّفي أوّلا في قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ،) ثمّ العموم فيفيد عموم النّفي لا نفي العموم ، وحاصل الوجه الثّاني ، أعني كون المراد بالفعل امتناع الإطاعة لا نفسها ، إنّ المعاني الأصليّة يتصوّرها البليغ أوّلا في الذّهن. ثمّ يعتبر فيها الخصوصيات والمزايا ، فالنّفي والإثبات مقدّم في الاعتبار على الاستمرار ، فعليه يكون المعنى بحيث يرد الاستمرار المستفاد من المضارع على الامتناع المستفاد من كلمة لو ، أي أنّ امتناع عنتكم بسبب استمرار امتناعه عن طاعتكم ، فتكون استفادة المعاني من الألفاظ على خلاف ترتيبها ، وهذا هو المراد بقوله : «لأنّه كما أنّ المضارع المثبت يفيد استمرار الثّبوت ، يجوز أن يفيد المنفي استمرار النّفي»
(٣) تنظير للفعلين المثبت والمنفي بجملتي الاسميّة ، أي المثبتة والمنفيّة ، والغرض منه دفع الاستبعاد عن الوجه الثّاني ، وتوضيح ذلك أنّه كما أنّ المضارع المثبت يفيد استمرار الثّبوت ، يجوز أن يفيد المضارع المنفي استمرار النّفي كالجملة الاسميّة ، حيث إنّ الجملة الاسميّة المثبتة تفيد تأكيد الثّبوت ودوامه ، والمنفيّة تفيد تأكيد النّفي ودوامه ، لا نفي التّأكيد والدّوام