لا استدلاليّا (١) كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : " المؤمن غرّ كريم (٢) والمنافق (٣) خبّ (٤) لئيم" حمل المعرّف باللّام مفردا (٥) كان أو جمعا (٦) على الاستغراق (٧) بعلّة (٨)
______________________________________________________
(١) أي ما يطلب فيه اليقين ، ويسمّى بالبرهان بأن يكون المقام ، أي ما يورد فيه المحلّى باللّام ممّا لا يكتفى فيه بالقضايا الخطابيّة ، بل يطلب فيه القضايا المفيدة لليقين التّي يتمسّك بها العلماء في مقام إثبات المطالب النّظريّة ، وذلك كمقام إقامة الدّليل على عدم تعدّد الآلهة ، وإنّما قيّد حمل المعرّف باللّام على الاستغراق بذلك ، لأنّ المقام إذا لم يكن خطابيّا ، بل كان استدلاليّا يحمل المعرّف على المتيّقن كالواحد في المفرد والثّلاثة في الجمع ، لا على الاستغراق.
فالمتحصّل من الجميع أنّ المراد بالخطابي أن لا يكون في الكلام دليل دلّ على كلّيّة الفعل وجزئيّته ، وبالاستدلالي أن يكون فيه دليل كذلك.
(٢) مثال للخطابيّ ، الغرّ : هو الّذي يكون غافلا عن الحيل لصرفه عقله عن أمور الدّنيا ، واشتغاله بأمور الآخرة ، لا لجهله بالأمور وغباوته ، وحيث كان غافلا عن الحيل لما ذكر ، فينخدع وينقاد لما يراد منه ، لكرم طبعه ، وحسن خلقه ، والكريم جيّد الأخلاق ، واللّئيم سيّء الأخلاق.
(٣) أي نفاقا عمليا.
(٤) الخبّ : بفتح الخاء هو الرّجل الخدّاع ، أي كثير الخدعة والأمر والحيلة ، وأمّا بكسرها فالمخادعة لكنّ الرّواية بالفتح ، لئلّا يشتبه بالمصدر الّذي هو بالكسر لا غير.
والمعنى إنّ المنافق كثير المكر والمخادعة لخبث سريرته ، وصرفه عقله إلى إدراك عيوب النّاس توصلا للإفساد فيهم ، فالنّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما قال ذلك مبالغة لحسن ظنّه بالمؤمن ، وعدم حسن ظنّه بالمنافق ، لا لدليل قطعيّ قام عنده على ذلك ، كيف وقد يوجد في المؤمنين من هو شديد في المكر والخدعة ، فالمقام خطابيّ ، وليس استدلاليّا.
(٥) أي كما في الحديث المذكور على فرض الصّدور ، لأنّ المراد كلّ مؤمن غرّ كريم.
(٦) أي كقولك مثلا : المؤمنون أحقّ بالإحسان ، أي كلّ جماعة من المؤمنين أحقّ به.
(٧) أي استغراق الآحاد في المفرد والجماعات ، أي الجموع في الجمع.
(٨) الباء للسّببيّة متعلّقة بقوله : «حمل» ، وإضافة «علّة» إلى «إيهام» بيانيّة. أي حمل المعرّف