على ما ذهب إليه صدر الأفاضل (١) في ضرام (٢) السّقط من (٣) إنّ المراد لو شئت أن أبكي تفكّرا بكيت تفكّرا ، فلم يحذف منه مفعول (٤) المشيئة ، ولم يقل : لو شئت بكيت
______________________________________________________
فإنّ المتبادر من قوله : «أن أبكي» هو البكاء الحقيقي ، بل ترك الحذف فيه إنّما هو لعدم دليل على المفعول لو حذف ، والحاصل إنّ مفعول المشيئة هنا مذكور باتّفاق المصنّف وصدر الأفاضل ، وإنّما الخلاف بينهما في علّة ذكره ، فالمصنّف يرى ذكره بسبب عدم قابليّة المقام للحذف ، وذلك لانتفاء القرينة عليه حيث إنّ المراد من البكاء الأوّل أعني» أن أبكي» هو البكاء الحقيقي ، ومن الثّاني أعني» بكيت» هو البكاء المجازي ، أي بكاء التّفكّر فلا يصلح أن يكون الثّاني قرينة على حذف الأوّل ، وصدر الأفاضل يرى ذكره بسبب وجود المانع ، وهو غرابة تعلّق المشيئة به ، لا عدم صلاحيّة المقام ، حيث إنّ المراد من كلا البكاءين عنده هو البكاء المجازي ، أعني التّفكر ، ومن ذلك يظهر أنّ النّفي بليس منصب على قوله : «بناء على غرابة تعلّقها به» بمعنى أنّ الغرابة ليست سببا لترك الحذف ، بل سبب ترك الحذف عدم دليل عليه لو حذف.
فقوله : «على ما ذهب إليه ...» متعلّق بالمنفي الّذي هو ترك الحذف لأجل الغرابة ، كما يظهر من التّعليل الآتي في كلام المصنّف.
(١) وهو الإمام أبو المكارم ، فإنّه زعم أنّ هذا البيت ممّا ترك حذف مفعول المشيئة لأجل الغرابة ، وليس الأمر كذلك.
(٢)» ضرام السّقط» اسم كتاب ، وهو شرح له على ديوان أبي العلاء المعرّي المسمّى بسقط الزّند ، وهو في الأصل عبارة عن النّار السّاقطة من الزّناد ، فشبّه ألفاظ ذلك الدّيوان بالنّار على طريق الاستعارة المصرّحة ، والضّرام في الأصل معناه التّأجيج ، فضرام سقط الزّند تأجيج ناره.
(٣) أي من بيان لما في قوله : «على ما ذهب ...» ، والمعنى أنّ ما ذهب إليه صاحب ضرام السّقط ، من أنّ مراد الشّاعر من البيت المذكور» لو شئت أن أبكي تفكّرا بكيت تفكّرا».
(٤) أي بكاء التّفكّر ، حيث إنّ التّفكّر مذكور في اللّفظ ، والفعلان متوجّهان إليه ، ولازم ذلك هو كون بكاء التّفكّر مذكورا.
ثمّ إنّ هذا واضح بناء على مذهب من جوّز تشريك العاملين في معمول واحد ، وأمّا على