يكون تفسيرا للأوّل وبيانا له (١) ، كما إذا لو شئت أن تعطي (٢) درهما أعطيت درهمين ، كذا في دلائل الإعجاز (٣) ، وممّا نشأ في هذا المقام (٤) من سوء الفهم وقلّة
______________________________________________________
(١) ولهذا ذكر مفعول المشيئة هنا مع عدم غرابته.
(٢) أي كما أنّ الدّرهمين لا يصلح تفسيرا للدّرهم ، لا يصلح البكاء الثّاني أيضا تفسيرا للأوّل المطلق المبهم ، والجامع عدم المناسبة بين المفسّر والمفسّر في البيت والمثال ، فلا يجوز حذف جملة» أن تعطي درهما» بقرينة جملة» أعطيت درهمين» لأنّها لا تصلح أن تكون قرينة لها لتباينهما بسبب تباين مفعوليهما ، حيث إنّ المفعول في الأوّل درهم ، وفي الثّاني درهمان ، وهذا المقدار من المخالفة ينافي التّفسير ، بل موهم لخلاف المقصود عند الحذف ، إذ لو قيل : لو شئت أن تعطي أعطيت درهمين ، يتوهّم أنّ المراد من الأوّل أيضا إعطاء الدّرهمين.
ثمّ إنّ هذا المثال تنظير للمقام من حيث عدم صلاحيّة الثّاني أن يكون تفسيرا للأوّل لا من جميع الخصوصيات ، فإنّ الاختلاف في المقام من حيث الإطلاق والتّقييد ، وفي المثال من ناحية خصوصيّة القيد.
إن لماذا جعل المصنّف الفعل الأوّل في البيت مطلقا ، ولم يجعله متعدّيّا إلى الدّمع ، بالالتزام بحذفه للاختصار.
إنّ الوجه فيه أنّ مقصود الشّاعر من المبالغة المذكورة يحصل بمجرد إرادته البكاء الحقيقي من الأوّل ، من دون اعتبار تعلّقه بمفعول خاصّ ، وهو الدّمع ، ومقتضى ذلك جعله مطلقا ومنزّلا منزلة اللّازم.
(٣) أي ما ذكره الشّارح من قوله : «لأنّه أراد أن يقول ...» إلى هنا مذكور في دلائل الإعجاز ، وقد نقل المصنّف هذا في الإيضاح أيضا بأدنى تغيير.
(٤) أي مقام شرح قول المصنّف ، أعني» وأمّا قوله» إلى» فليس منه».