فيكون مفهوم التّقديم مناقضا (١) لمنطوق لا غيره ، نعم لو كان التّقديم لغرض آخر (٢) غير التّخصيص جاز ، ما زيدا ضربت ولا غيره. وكذا (٣) زيدا ضربت وغيره ، [ولا (٤) ما زيدا ضربت ولكن أكرمته] لأنّ مبنى الكلام ليس على أنّ الخطأ واقع في الفعل ، بأنّه الضّرب حتّى تردّه إلى الصّواب بأنّه الإكرام ، وإنّما الخطأ في تعيين المضروب.
______________________________________________________
(١) أي الجمع بينهما جمع بين المتناقضين ، وهو باطل.
(٢) أي كمجرّد الاهتمام والتّبرّك والاستلذاذ ، وموافقة كلام السّامع ، وضرورة الشّعر والسّجع ، ونحو ذلك ، جاز حينئذ ما زيدا ضربت ولا غيره ، وذلك لعدم لزوم التّناقض حينئذ ، ويمكن أن يكون قوله : «نعم لو كان التّقديم ...» جوابا عن سؤال مقدّر ، والتّقدير : لا يقال : ما زيدا ضربت ولا غيره ، إذا أريد التّخصيص للزوم اجتماع النّقيضين ، وأمّا إذا أريد الاهتمام فلماذا لا يجوز؟
فأجاب بقوله : «نعم لو كان التّقديم لغرض آخر غير التّخصيص جاز ما زيدا ضربت ولا غيره».
(٣) أي هذا المثال مثل «ما زيدا ضربت ولا غيره» ، في المنع والجواز ، أي المنع عند التّخصيص ، والجواز عند قصد غير التّخصيص ، لأنّ التّخصيص يفيد نفي مشاركة الغير ، والعطف يفيد ثبوت المشاركة ، وهو تناقض ، فإنّ جعل التّقديم للاهتمام جاز ، إذ ليس في التّقديم ما ينافي مقتضى العطف.
(٤) أي لا يصحّ أن يقال : «ولا زيدا ضربت ولكن أكرمته» بأن تعقب الفعل المنفيّ الّذي قدّم مفعوله عليه بإثبات فعل آخر يضادّه ، لأنّ مبنى الكلام ليس على أنّ الخطأ في الضّرب ، فتردّه إلى الصّواب في الإكرام ، وإنّما هو على أنّ الخطأ في المضروب أي المفعول حين اعتقد أنّه زيد ، فردّه إلى الصّواب أن تقول : ولكن عمرا.
وبعبارة أخرى : إنّ الّذي يبنى عليه قوله : «ولا زيدا ضربت ولكن أكرمته» ليس هو الخطأ في الفعل ، بل إنّما هو الخطأ في المفعول لما مرّ غير مرّة من أنّ المخاطب في نحو : زيدا ضربت ، قد أصاب في أصل صدور الفعل عن الفاعل ، وإنّما أخطأ في تعيين المفعول ، والاستدراك بلكن يفيد أنّ الّذي بنى عليه الكلام هو الخطأ الواقع في الفعل الّذي هو الضّرب ، فيكون في المثال تدافع ، إذ أوّله يقتضي عدم الخطأ في الفعل وآخره ، أعني «لكن أكرمته» يقتضي