فَخُورٍ ، وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)(١) (١) ، (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ)(٢) (٢) وإلا : أي وإن لم تكن (٣) داخلة في حيّز النّفي بأن قدّمت (٤) على النّفي لفظا (٥) ،
______________________________________________________
والله لا يحبّ كل مختال فخور ، بل يحبّ بعض المختال ، وهو غير صحيح.
(١) أي والله لا يحبّ كلّ جاحد بتحريم الزّنا (أثيم) أي كثير الإثم.
(٢) (حلاف) أي كثير الحلف في الحقّ والباطل (مهين) أي قليل الرّأي والتّمييز ، أو حقير عند النّاس لأجل كذبه ، وفي التّمثيل بهذه الآية إشارة إلى أنّ النّهي كالنّفي في الحكم السّابق.
والمتحصّل من هذه الآيات أنّه ليس المراد فيها المعنى الّذي قاله الشّيخ عبد القاهر وأتباعه ، فالمعنى الّذي قاله الشّيخ وأتباعه اكثريّ وليس كلّيّا.
إلّا أن يقال : إنّ الحقّ ما فهمه الشّيخ ، ولا يرد عليه النّقض بالآيات ، لأنّ عدم الحمل على ثبوت الحكم للبعض فيها إنّما هو بواسطة قرينة خارجيّة وخصوصيّة المادّة ، فلا يلزم من ذلك انخرام القاعدة الّتي استفادها الشّيخ من تتبّع كلمات البلغاء ، لأنّ القاعدة هي أنّ لفظة «كلّ» متى وقعت في حيّز النّفي ، فبالنّظر إلى نفس التّركيب وذاته يفيد ما فهمه الشّيخ وأتباعه ، وهذا لا ينافي عدم الحمل على ذلك في بعض المواضع لمانع خارجي ، إذ قد دلّ الدّليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا.
(٣) أي وإن لم تكن لفظة كلّ «داخلة في حيّز النّفي».
(٤) في هذا التّفسير إشارة إلى أنّ النّفي المستفاد من لفظة «إلّا» ـ في قوله : «وإلّا» ـ متوجّه إلى القيد أعني الدّخول في حيّز النّفي فيفيد وجود النّفي في الكلام مع تقدّم كلّ عليه ، فلا يرد عليه ما يقال : من أنّ انتفاء الدّخول في حيّز النّفي قد يكون بانتفاء النّفي من الكلام أي عدم وجوده فيه أصلا ، فلا يصحّ حينئذ بقاء قوله : «عمّ النّفي» على إطلاقه.
(٥) إنّما قيّد تقدّم «كلّ» على النّفي بقوله : «لفظا» احترازا عمّا إذا تقدّمت على النّفي لفظا ومعنى ، فإنّ النّفي حينئذ لا يتّصل عليه بوجه مع أنّ الغرض حينئذ أنّه لعموم السّلب ، فلا بدّ أن يكون لفظ كلّ متأخّرا معنى ليتوجّه إليه النّفي وإن كان متقدّما لفظا.
__________________
(١) سورة البقرة ٢٧٦.
(٢) سورة القلم : ١٠.