[و] في طلب تصوّر المسند [أفي الخابيّة (١) دبسك أم في الزّقّ] عالما بكون الدّبس في واحد من الخابيّة والزّقّ طالبا لتعيين ذلك (٢) [ولهذا] أي لمجيء الهمزة لطلب التّصوّر [لم يقبح] في تصوّر الفاعل [أزيد قام] كما قبح هل زيد قام [و] لم يقبح في طلب تصوّر المفعول [أعمرا عرفت] كما قبح ، هل عمرا عرفت ، وذلك لأنّ التّقديم (٣) يستدعي حصول التّصديق بنفس الفعل ، فيكون هل لطلب حصول الحاصل ،
______________________________________________________
(١) أي الحبّ الكبير ، «الزّقّ» أعني المشك بالفارسيّة ، والقربة بالعربيّة ، ثمّ المراد هو العسل المتّخذ من الزّبيب ، ومن العسل هو عسل النّحل.
(٢) أي أحد الأمرين كي يحصل لك العلم به على وجه التّفصيل ، كما حصل لك العلم على وجه الإجمال ، فإنّ المطلوب في جميع ذلك معلوم بوجه إجماليّ ، وتطلب بالاستفهام تفصيله.
(٣) توضيح ذلك :
إنّ التّقديم يفيد الاختصاص ، فيكون مفاد التّركيب الأوّل أعني أزيد قام ، هو السّؤال عن خصوص الفاعل ، بمعنى أنّه يسأل عن المختصّ بالقيام ، هل زيد أو عمرو ، بعد تعقّل وقوع القيام ، فيكون أصل التّصديق بوقوع القيام من فاعل ما معلوما عنده ، فلزم كون السّؤال عن تعيين الفاعل ، ومفاد الثّاني أعني أعمرا عرفت ، هو السّؤال عن خصوص المفعول ، أي الّذي اختصّ بالمعرفة دون غيره بمعنى أنّه يسأل عن الّذي يصدق عليه أنّه المعروف فقطّ دون غيره ، بعد العلم بوقوع المعرفة على عمرو وغيره ، فأصل التّصديق بوقوع الفعل على مفعول ما معلوم ، وإنّما سأل عن تعيين المفعول ، فالسّؤال في الجملتين لطلب التّصوّر ، فلو استعملت فيهما هل لأفادت طلب التّصديق وأصل التّصديق معلوم فيهما فيكون الطّلب بها لتحصيل الحاصل بخلاف استعمال الهمزة ، فإنّه لا ضرر فيه ، لأنّها لطلب التّصّور.
لا يقال :
إنّ مقتضى هذا أنّ استعمال هل فيما ذكر من التّركيبين ممنوع لا أنّه قبيح فقطّ.
لأنّا نقول :
إنّما لم يكن ممنوعا لجواز أن يكون التّقديم لغير التّخصيص ، لأنّه لا يتعيّن أن يكون للتّخصيص ، فلذا لم يمنع أصل التّركيب.