الاستفهام ، وقد من خواصّ الأفعال. فكذا ما هي بمعناها ، وإنّما لم يقبح (١) هل زيد قائم ، لأنّها إذا لم تر الفعل في حيّزها ذهلت عنه وتسلّت (٢) ، بخلاف ما إذا رأته ، فإنّها (٣) تذكّرت العهود ، وحنّت (٤) إلى الألف المألوف ، فلم ترض بافتراق الاسم (٥) بينهما [وهي] أي هل [تخصّص المضارع بالاستقبال (٦)]
______________________________________________________
فمعنى العبارة صارت هل طفيليّة بدلا عن الهمزة في الاستفهام من دون أن تكون موضوعة له في الأصل.
(١) أي هذا جواب عمّا يقال : مقتضى هذا التّعليل أن يقبح دخول هل على الجملة الاسميّة الّتي طرفاها اسمان نحو : هل زيد قائم ، مع أنّه جائز بلا قبح ، فأيّ فرق بين ما إذا كان الخبر فعلا ، حيث قلتم بقبحه ، وإذا كان اسما قلتم بعدم قبحه مع أنّ مقتضى التّعليل استواء الأمرين في القبح.
وحاصل ما أجاب به الشّارح : إنّه فرق بين الأمرين ، وذلك لأنّه إذا كان طرفا الجملة اسمين لم تر هل الفعل في حيّزها ، فتذهل عنه ، ويراعى فيها معنى الاستفهام الّذي نقلت له ، وإذا كان الخبر فعلا ، رأت هل الفعل في حيّزها فلا ترضى إلّا بمعانقته نظرا لمعناها الأصليّ ، وهو كونها بمعنى قد المختصّة بالدّخول على الفعل.
(٢) أي تباعدت ، لأنّ تسلّت من السّلوّ ، وهو الخلوّ من العشق ، أي من عشق هل بالفعل ، فلم تذكر العهود والأوطان قائلة ما غاب عن العين غاب عن الخاطر.
(٣) أي فإنّ هل حينما رأت الفعل تذكّرت العهود ، أي العهد الّذي بينها وبين الفعل.
(٤) أي حنت بالتّخفيف ، بمعنى مالت إلى الفعل المألوف.
(٥) أي لم ترض هل بتفريق الاسم وفصله بين هل والفعل.
(٦) أي تخلّصه لذلك بعد ما كان محتملا له وللحال ، وذلك لأنّها لمّا كانت منقولة إلى الاستفهام التزم فيها مقتضاه ، وهو الاستقبال ، لأنّ حصول الأمر المستفهم عنه يجب أن يكون استقباليّا ، ضرورة أنّه لا يستفهم عمّا في الحال ، إذ لا يكون المتكلّم جاهلا به حتّى يستفهم عنه.