(إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢)) (وآتاكم) (١) (١) وفي الحماسة (٢) :
سأغسل (٣) عنّي العار بالسّيف جالبا |
|
عليّ قضاء الله ما كان جالبا |
وأمثال هذه (٤) أكثر من أن تحصى ، وأعجب (٥) من هذا ،
______________________________________________________
(١) قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ) أي مسرعين ، وحاصل ردّ البعض بالآيتين : كيف تصحّ مقالة هذا البعض ، والحال إنّ الله تعالى قال : (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) فإنّ الدّخول استقباليّ بدليل السّين ، وقد قيّد بالحال ، وهي قوله : (داخِرِينَ) وكذلك قوله : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) فالتّأخير لذلك اليوم ، وهو يوم القيامة استقباليّ ، وقد قيّد بالحال ، وهي قوله : (مُهْطِعِينَ) أو التّشخّص هو العامل في (مُهْطِعِينَ) وهو بمعنى المستقبل ، لأنّه لا يكون إلّا في يوم القيامة.
(٢) وهو ديوان لأبي تمّام جمع فيه كلام العرب المتعلّق بالحماسة ، أي الشّجاعة ، وهذا الشّعر لسعد بن ناشب من شعراء الدّولة المروانيّة ، وسبب هذا الشّعر أنّه كان أصاب دما ، فهدم بلال بن أبي بردة داره بالبصرة وحرّقها.
(٣) المراد بالغسل الرّفع والإزالة من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللّازم ،» وبالسّيف» متعلّق ب» أغسل» ، وهو على تقدير مضاف ، أي باستعمال السّيف ، وضربه في الأعداء ، و» جالبا» حال من فاعل» أغسل» وهو محلّ الاستشهاد بدليل اقترانه بالسّين ، و» عليّ» متعلّق ب» جالبا» ، و» قضاء الله» فاعل» جالبا» الأوّل ، و» ما كان جالبا» مفعوله ، والقضاء بمعنى الحكم.
والمعنى : سأدفع عن نفسيّ العار باستعمال السّيف في الأعداء في حال جلب حكم الله على الشّيء الّذي كان يجلبه من عداوة الأعداء ، وإنكارهم وأذيّتهم ، فالمقصود المبالغة في أنّه لا يترك دفع العار في حال من الأحوال.
ومحلّ الشّاهد : إنّ الغسل بمعنى الاستقبال بدليل السّين ، وقد قيّد بالحال.
(٤) أي ونظائر هذه الأمثلة والشّواهد أكثر من أن تحصى.
(٥) وإنّما كان أعجب ، لأنّ هذا الاستدلال على تلك الفرية ، وهو متضمّن لها ، ففيه الفرية وزيادة تقويّتها ، وقال البعض : إنّما كان أعجب ، لأنّ دليل إفساده يظهر ممّا جعله دليلا على دعواه ، أعني قول النّحاة ، لأنّ ذلك في الجملة الحاليّة لا في عاملها.
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٤٢ ـ ٤٣.