عاقل الأوّل ، بمعنى كامل العقل ، متناه فيه (١) [أعيت] أي أعيته (٢) وأعجزته أو أعيت عليه (٣) وصعبت [مذاهبه] أي طرق معاشه (٤) [* وجاهل جاهل تلقاه (٥) مرزوقا* هذا الّذي ترك (٦) الأوهام حائرة* وصيّر العالم النّحرير] أي المتقن من نحر الأمور علما أتقنها (٧) [زنديقا] كافرا نافيا للصّانع العدل
______________________________________________________
(١) أي في العقل ، كما يقال : مررت برجل رجل ، أي كامل في الرّجوليّة.
(٢) التّفسير إشارة إلى حذف المفعول ، فيكون متعدّيّا ، وقوله : «وأعجزته» عطف تفسيريّ له ، وضمير المفعول عائد إلى «عاقل» ، كما أنّ الضّمير المجرور يعود إليه.
(٣) فيه إشارة إلى كون الفعل لازما ، وقوله : «وصعبت» عطف تفسيريّ له ، فقد علم من كلام الشّارح أنّ «أعيت» يستعمل متعدّيّا ولازما ، ولكن الأولى جعله متعدّيّا ، لما تقرّر في محلّه من أنّ الفعل إذا تردّد بين المتعدّي واللّازم فينظر إلى ما قبله أو ما بعده من الأفعال ، فيحمل عليه رعاية للتّناسب ، وما ذكر بعده كقوله : «وصيّر العالم النّحرير زنديقا» متعدّ ، فالحمل عليه أولى.
(٤) أي أسباب معاش ذلك العاقل.
(٥) أي تصادفه وتجده مرزوقا.
(٦) أي ترك بمعنى صيّر ، فمعنى العبارة «هذا الّذي» أي كون العاقل متحيّر الحال ، ومحروم الرّزق ، وكون الجاهل فارغ القلب ومرزوقا ، صيّر العقول متحيّرة إذ لم يفهم السّرّ في ذلك ، لأنّ مقتضى المناسبة والحكمة والعدل أن يكون العاقل مرزوقا لما يترتّب على رزقه من المصالح دون الجاهل.
(٧) أي أتقن الأمور ، وقوله : «علما» تمييز محوّل عن المفعول ، والأصل نحر علم الأمور ، أي أتقنه ، وتفسير النّحر بالإتقان تفسير مجازيّ علاقته المشابهة في إزالة ما به الضّرر ، فإنّ القتل والذّبح الّذي هو معنى النّحر الحقيقي يزيل الدّماء والرّطوبات الّتي في الحيوان والإتقان يزيل الشّكوك والشّبهات ، كما في التّجريد.
لا يقال : إنّه كان الأولى على المصنّف أن يقول : كم عالم عالم ، في مقابل قوله : «وجاهل جاهل» أو يقول : ومجنون مجنون في مقابل قوله : «كم عاقل عاقل».
فإنّه يقال : إنّ في مقابلة الجاهل إشارة إلى أنّ العقل بلا علم كالعدم ، وأنّ الجهل