سورة [الفاتحة فإنّ العبد إذا ذكر الحقيق (١) بالحمد عن قلب حاضر يجد] ذلك العبد [من نفسه محرّكا للإقبال عليه] أي على ذلك الحقيق بالحمد [وكلّما أجرى عليه صفة من تلك (٢) الصّفات العظام قوّى ذلك المحرّك إلى أن يؤول الأمر إلى خاتمتها] أي خاتمة تلك الصّفات ، يعني (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [المفيدة (٣) أنّه] أي ذلك الحقيق بالحمد [مالك الأمر كلّه في يوم الجزاء] لأنّه (٤) أضيف مالك إلى يوم الدّين على طريق (٥) الاتّساع ،
______________________________________________________
المتكلّم كما في سورة الفاتحة ، فإنّ لطيفة التّنبيه فيها على وجوب كون قراءة العبد على وجه وجدان المحرّك للإقبال عليه تعالى مختصّة بهذا الموقع ، ومقصورة على المتكلّم لأنّ السّامع هو الله تعالى.
(١) أي المستحقّ به وهو الله تعالى ، أي ذكره العبد بقوله : «الحمد لله» الدّالّ على أنّه مستحقّ لجميع المحامد ، وكان ذلك الذّكر صادرا «عن قلب حاضر» لا غافل ، ولا الذّكر بمجرّد اللّسان ، فحينئذ «يجد ذلك العبد من نفسه محرّكا ...».
(٢) أي كالرّحمن والرّحيم وربّ العالمين.
(٣) صفة «خاتمتها».
(٤) علّة «المفيدة» ، والضّمير للشّأن.
(٥) متعلّق بمحذوف ، أي وجعل اليوم مملوكا على طريق التّوسعة في الظّرف ، فإنّهم وسعوه ، فجوّزوا فيه ما لم يجيزوا في غيره حيث نزّلوه منزلة المفعول به.
وبعبارة أخرى : إنّ الاتّساع في الظّروف على ثلاثة أقسام :
الأوّل : الاتّساع من حيث المكان بأن يستعمل في مكانه الأصلي وغيره ، وهذا هو المراد في ردّ من استدلّ على جواز تقديم خبر ليس عليه ، بتقديم معموله في قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)(١) حيث أجيب عن ذلك باتّساعهم في الظّروف.
الثّاني : الاتّساع من حيث المعنى ، بأن يستعمل في المعنى الظّرفي الحقيقيّ والمجازي ، نحو : في ذمّتي دين.
الثّالث : الاتّساع من حيث الآلة بأن يستعمل مع آلة الظّرفيّة ، أي مع لفظة في ، وبدونها ، وهذا هو المراد في المقام ، فلذلك قال : «والمعنى على الظّرفيّة».
__________________
(١) سورة هود : ٨.