والجملة بأسرها عطف على جملة إنّ مع اسمها وخبرها ، [وكقوله (١) :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرّأي مختلف] |
فقوله : نحن ، مبتدأ محذوف الخبر ، لما ذكرنا (١) أي نحن بما عندنا (٢) راضون ، فالمحذوف ههنا هو خبر الأوّل بقرينة الثّاني (٣) وفي البيت السّابق بالعكس. [وقولك : زيد منطلق وعمرو] أي وعمرو منطلق (٤) ،
______________________________________________________
(١) أي لما ذكرنا في حذف خبر قيّار من أنّه للاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظّاهر.
(٢) من الاعتقادات والأفعال والأقوال والعادات راضون ، وأنت بما عندك راض ، ولكن رأينا وأفكارنا وأعمالنا وطريقتنا مختلفة ، فالمحذوف ههنا هو خبر الأوّل بقرينة الثّاني ، وفي البيت السّابق بالعكس ، ومراد الشّاعر أنّ ما عندنا خير ممّا عندك.
كما قال الله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٢) ، ولكنّه لم يصرّح به نظير قوله تعالى حكاية : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣).
(٣) أي لدلالة خبر الثّاني عليه ، فالمذكور أعني «راض» خبر أنت لتطابقهما في الإفراد ، والمحذوف خبر نحن وهو «راضون» ، لأنّ المذكور لا يمكن أن يكون خبرا عن «نحن» لعدم تطابقهما.
وكيف كان ، فالوجه في هذا البيت وجوب المطابقة في الخبر المشتقّ ، كما أنّه في البيت الأوّل اللّام الابتدائيّة ، لأنّها لا تدخل على خبر المبتدأ إلّا إذا قدّم نحو : لقائم زيد ، أو كان خبرا لمبتدأ منسوخ ، فلا يصحّ جعل «لغريب» خبرا لقيّار فيكون خبره محذوفا.
(٤) تفسير قوله : «وعمرو» بقوله : «وعمرو منطلق» إشارة إلى جعل الكلام من عطف الجمل ، وكان المثال المذكور من قبيل حذف المسند من الجملة الثّانيّة. ويحتمل أن يكون من عطف المفرد على المفرد ، فيكون المثال خارجا عن المقام ، لأنّه مثال لحذف المعطوف على المسند ، ومحلّ الكلام هو حذف المسند فحينئذ يلزم العطف على معمولي عاملين
__________________
(١) أي قول قيس بن عطيّة ، أو قيس بن الحطيم ، أو امرئ القيس.
(٢) سورة الرّوم : ٣٢.
(٣) سورة سبأ : ٢٤.