[أي إنّ لنا في الدّنيا] حلولا [و] إنّ [لنا عنها] إلى الآخرة ارتحالا ، والمسافرون (١) قد توغّلوا (٢) في المضيّ لا رجوع لهم (٣) ، ونحن على أثرهم عن قريب (٤) ، فحذف المسند الّذي (٥) هو ظرف قطعا. لقصد (٦) الاختصار والعدول إلى أقوى الدّليلين ، أعني العقل ، ولضيق المقام أعني (٧) المحافظة على الشّعر ،
______________________________________________________
لنا ارتحالا عنها ، لأنّ الّذين سافروا إلى الآخرة وذهبوا إليها طالت غيبتهم عنّا ، فلا رجوع لهم إلينا ، فنحن نكون كذلك ، والمسند المحذوف وهو الظّرف ، أعني لنا ، أي إنّ لنا محلّا وإنّ لنا مرتحلا.
(١) أي الموتى.
(٢) أي دخلوا في الأرض ، ومعنى غلّ في الأرض إذا سار فيها فأبعد ، فقوله : «المسافرون» مأخوذ من قوله : «في السّفر».
(٣) أي إلى مواطنهم ، وهذا مستفاد من حمل المهل على المهل الكامل بقرينة الواقع ، فإنّ هذا المهل الّذي حصل بالموت لا رجوع معه.
(٤) أي نموت في قريب من الزّمان ، لأنّ كلّ آت قريب ، وهذا مأخوذ من قوله : «إنّ محلّا» لأنّ الحلول في الشّيء يدلّ على عدم الإقامة فيه كثيرا. فحاصل المعنى نحن لاحقون لهم بعد مضيّ زمن قريب.
(٥) أي لنا وهو ظرف قطعا ، بخلاف ما قبله وهو قوله : «فإذا زيد» فإنّه ليس الخبر ، والمسند فيه ظرفا على نحو القطع ، بل يحتمل أن يقدّر ظرفا ، أي فإذا زيد بالباب ، وأن يقدّر غيره كحاضر أو جالس. ففي قوله : «الّذي هو ظرف قطعا» إشارة إلى نكتة ذكر هذا المثال بعد المثال الّذي قبله.
(٦) علّة لحذف المسند ، فله أسباب وعلل : الأوّل قصد الاختصار.
الثّاني : العدول إلى أقوى الدّليلين ، أعني العقل.
الثّالث : ضيق المقام.
(٧) يمكن أن يكون تفسيرا لضيق المقام من حيث سببه لا نفسه ، لأنّ المحافظة على وزن الشّعر سبب لضيق المقام. ويمكن أن يكون تفسيرا للمقام.