ولاتّباع الاستعمال (١) ، لاطّراد الحذف في مثل إنّ مالا وإنّ ولدا (٢) ، وقد وضع سيبويه (٣) في كتابه لهذا (٤) بابا فقال : هذا باب إنّ مالا وإنّ ولدا (٥) [وقوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي)(١) فقوله : أنتم ، ليس بمبتدأ لأنّ (٦) لو إنّما تدخل على الفعل ، بل هو (٧) فاعل فعل محذوف ، والأصل لو تملكون أنتم تملكون ، فحذف الفعل الأوّل احترازا عن العبث لوجود المفسّر (٨) ، ثمّ أبدل من الضّمير المتّصل ضمير منفصل على ما هو القانون عند حذف العامل
______________________________________________________
(١) أي لمتابعة الاستعمال الوارد على ترك نظيره ، لأنّه اطّرد حذف الخبر مع تكرار إنّ وتعدّد اسمها ، سواء كانا نكرتين كما في المتن أو معرفتين ، كقولك : إنّ زيدا وإنّ عمرا ، أي أنّ لنا زيدا معروفا بالعلم والفضل ، وأنّ لنا عمرا معروفا بالشّجاعة مثلا.
(٢) أي إنّ لنا مالا وإنّ لنا ولدا.
(٣) قوله : «وقد وضع ...» تأييد لكون الحذف مطّردا.
(٤) أي لحذف المسند في مثل إنّ مالا وإنّ ولدا وضع سيبويه بابا ، وضابط هذا الباب أن تتكرّر إنّ ويتعدّد اسمها ، فيطّرد في هذه الصّورة حذف خبرها في جميع الموادّ والمواقع.
(٥) أي سمّي هذا الباب بباب إنّ مالا وإنّ ولدا.
(٦) تعليل لعدم كون «أنتم» مبتدأ ، لأنّ لو لا تدخل على الاسم ، بل تدخل على الفعل فقط ، كما قال في الألفيّة :
وهي في الاختصاص بالفعل كإن |
|
لكنّ لو أنّ بها قد يقترن |
(٧) أي «أنتم» فاعل محذوف تقديره لو تملكون تملكون ، فحذف الفعل الأوّل وأبدل من ضميره المتّصل ، أعني الواو ، ضمير منفصل ، وهو أنتم لتعذّر الاتّصال بعد حذف ما يتّصل به.
(٨) قوله : «لوجود المفسّر» علّة لحذف الفعل الأوّل ، لأنّ الفعل الثّاني المفسّر له قرينة على الحذف ، فمع وجود المفسّر ذكر الفعل الأوّل لغو وعبث.
وقيل : إنّ الغرض من إتيان تملكون الثّاني في الأصل إنّما هو تأكيد تملكون الأوّل أعني المقدّر ، فلمّا حذف الأوّل جعل الثّاني مفسّرا له مع بقاء إفادته التّأكيد أيضا.
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٠٠ ، تتمّة الآية : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً).