اخرى ويرى «الرّاغب» في المفردات أنّ «القرء» في الحقيقة هي كلمة يراد منها الانتقال من حالة الحيض إلى الطّهر ، وبما أنّ كلا هذين العنوانين مأخوذان في معنى الكلمة،فتستعمل أحيانا بمعنى الحيض واخرى بمعنى الطّهر ، ويستفاد من بعض الرّوايات وكثير من كتب اللّغة أنّ القرء تعني الجمع بين الحالتين ، وبما أنّ حالة الطّهر يجتمع في المرأة مع وجود دم الحيض في رحمها فتطلق هذه المفردة على الطّهر وعلى كلّ حال فقد ورد التّصريح في الروايات أنّ المقصود بالقروء الثلاثة في الآية أن تطهر المرأة ثلاث مرّات من دم الحيض (١).
وبما أنّ الطّلاق يشترط فيه أن تكون المرأة في حالة الطّهر الّذي لم يجامعها زوجها فيه فيحسب ذلك الطّهر مرّة واحدة ، وبعد أن ترى المرأة دم الحيض مرّة وتطهر منه حينئذ تتم عدّتها بمجرّد أن ينتهي الطّهر الثالث وتشرع ولو للحظة في العادة ، فيجوز لها حينئذ الزّواج،ومضافا إلى الروايات في هذا المجال يمكن استنباط هذه الحقيقة من نفس الآية مورد البحث لأنّ :
أوّلا : (قرء) تستبطن جمعان : قروء وأقراء ، وما كان جمعه قروء فهو طهر ، وما كان جمعه أقراء فهو بمعنى الحيض (٢).
ثانيا : القرء في اللّغة بمعنى الجمع ، كما تقدّم وهي أنسب لحالة الطّهر ، لأنّ الدم يتجمّع في هذه الحالة في الرّحم بينما يخرج ويتفرّق عند العادة الشهريّة (٣).
الحكم الثاني المستفاد من هذه الآية هو قوله تعالى (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
الإسلام قرّر أن تكون المرأة بنفسها هي المرجع في معرفة بداية العدّة
__________________
(١) راجع تفسير نور الثقلين : ج ١ ص ٢٣٠ و ٢٣١.
(٢) راجع قاموس اللّغة.
(٣) لسان العرب : مادة «قرء».