حمل في رحمها منه ، وقد يؤدّي إلى جرح مشاعر أهل زوجها الأول ، فقد جاءت الآية تشترط للزواج الجديد أن يمرّ على موت زوجها السابق أربعة أشهر وعشرة أيّام.
إنّ احترام الحياة الزوجية بعد موت أحد الزوجين أمر فطري ، بحيث نجد في مختلف القبائل تقاليدا وطقوسا خاصّة بهذا الموضوع على الرغم من أنّ بعض هذه العادات كانت تبلغ حدّ الإفراط الذي يقيّد المرأة بقيود ثقيلة تبلغ حدّ القضاء على حياتها احتراما لذكرى زوجها الراحل. كقيام بعض القبائل بحرق المرأة بعد موت زوجها ، أو بدفنها حيّة معه في قبره. وبعض آخر كانوا يحرمون المرأة من الزواج بعد زوجها مدى الحياة ، وفي بعض القبائل كان على المرأة أن تقضي بعض الوقت بجانب قبر زوجها تحت خيمة سوداء قذرة وفي ملابس رثّة بعيدة عن كلّ نظافة أو زينة أو اغتسال (١).
إلّا أنّ الآية المذكورة تلغي كلّ هذه الخرافات ، ولكنّها تحافظ على احترام الحياة الزوجيّة بإقرار العدّة.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
وبما أنّ أولياء وأقرباء المرأة يتدخّلون أحيانا في أمرها أو يأخذون بمصالحهم بنظر الإعتبار في زواجها المجدّد تقول الآية في ختامها : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وسيجازي كلّ شخص بما عمله من أعمال سيئة أو حسنة.
وجملة (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) والتي تشير إلى أنّ المخاطب فيها هم الرّجال من أقرباء المرأة تدلّ على أنّهم كانوا يرون في تحرّر
__________________
(١) الإسلام وعقائد الإنسان : ص ٦١٧.