المرأة بعد وفاة زوجها عيبا وإثما ، ويعتقدون بأنّ التضييق عليها والتشدّد في أمرها من واجباتهم ، فهذه الآية تأمر بصراحة بترك هذه الامرأة حرّة في اختيارها ولا إثم عليكم من ذلك (ويستفاد ضمنا من هذه العبارة سقوط ولاية الأب والجد أيضا عليها) ولكن في نفس الوقت تتضمّن الآية تحذيرا للمرأة بأنّه لا ينبغي أن تسيء الاستفادة من هذه الحريّة، بل تتقدّم إلى اختيار الزوج الجديد بخطّوات مدروسة وأسلوب لائق (بالمعروف).
وحسب ما وصلنا من أئمّة المسلمين فإنّ على الأرامل في هذه الفترة أن يحافظن على مظاهر الحزن ، أي ليس لهنّ أن يتزينّ مطلقا ، بل ينبغي التجرّد من كلّ زينة ، ولا شكّ أنّ فلسفة المحافظة على هذه العدّة توجب ذلك أيضا.
لقد حرّر الإسلام المرأة من الخرافات الجاهليّة واقتصر على هذه العدّة القصيرة بحيث ظنّ بعضهم أنّ لها أن تتزوّج حتّى خلال هذه الفترة ، ومن ذلك أنّ امرأة قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تستجيزه أن تكتحل وهي في العدّة فنهاها رسول الله وذكّرها بما كان يفرض على المرأة في الجاهليّة خلال سنة كاملة بعد الوفاة من حداد شديد وإرهاق فظيع مشيرا إلى سماحة الإسلام في هذا الأمر (١) وإنّه ممّا يلفت النّظر أنّ الأحكام الإسلاميّة بشأن العدّة تأمر المرأة بالتزام العدّة حتّى وإن لم يكن هناك أيّ احتمال بأن تكون حاملا ، حيث إنّ عدّتها لا تبدأ بتاريخ موت زوجها ، بل بتاريخ وصول خبر موت زوجها إليها وإن يكن بعد شهور ، وهذا يدلّ دلالة قاطعة على أنّ الهدف من هذا التشريع هو الحفاظ على احترام الحياة الزوجيّة وحرمتها إضافه إلى ما لهذا التشريع من أهميّة بالنّسبة لاحتمال حمل المرأة.
__________________
(١) المنار : ج ٢ ص ٤٢٢.