الآية الثانية تشير إلى أحد الأحكام المهمّة للنّساء في العدّة (بمناسبة البحث عن عدّة الوفاة في الآيات السّابقة) فتقول : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً).
فهذه الآية تبيح للرّجال أن يخطبوا النّساء اللّواتي في عدّة الوفاة بالكناية أو الإضمار في النّفس (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) وهذا الحكم في الواقع من أجل الحفاظ على حريم الزّواج السّابق من جهة ، وكذلك لا يحرم الأرملة من حقّها في تعيين مصيرها من جهة اخرى، فهذا الحكم يراعي العدالة وكذلك حفظ احترام الطّرفين.
ومن الطّبيعي أن تفكّر المرأة في مصيرها بعد وفاة زوجها ، وكذلك يفكّر بعض الرّجال بالزّواج بهنّ للشروط اليسيرة السهلة في الزّواج بالأرامل ، ولكن من جهة لا بدّ من حفظ حريم دائرة الزّوجيّة السّابقة كما ورد من الحكم آنفا يدلّ بوضوح على رعاية كلّ هذه المسائل المذكورة ، ونفهم من عبارة (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) أنّه مضافا إلى النهي عن الخطبة العلنيّة فإنّه لا يجوز كذلك أن تصارحوهنّ بالخطبة سرّا أيضا إلّا إذا كان الكلام بهذا الشأن يتّفق مع الآداب الاجتماعيّة في موضوع موت الزّوج ، أي أن يكون الكلام بالكناية وبشكل مبطّن.
وعبارة (عرّضتم) من مادّة (التّعريض) والتي تعني كما يقول الرّاغب في المفردات :الحديث الّذي يحتمل معنيين الصدق والكذب أو الظّاهر والباطن.
وعلى قول المفسّر الكبير المرحوم الطبرسي في مجمع البيان أنّ التّعريض ضد التصريح،وهو في الأصل منمادّة (عرض) الذي هو بمعنى جانب الشيء (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ و ٢ ، ص ٣٣٨.