العرب) فله الحقّ في أن يسترجع نصف المهر إلّا أن يعفو ويتنازل عنه.
أمّا مع الملاحظة الدقيقة في مضمون الآية يتبيّن أنّ التفسير الأوّل هو الصحيح ، وأنّ المخاطب في هذه الآية هم الأزواج حيث تقول : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَ) في حين أنّ الضمير في جملة (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) جاء حكاية عن الغائب ولا يتناسب ذلك مع عوده إلى الأزواج.
أجل ، فإنّ الآية في الجملة التالية تقول (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
فمن الواضح أنّ المخاطب في هذه الجملة هم الأزواج ، فتكون النتيجة أنّ الحديث في الجملة السّابقة كان عن عفو الأولياء ، وفي هذه الجملة تتحدّث الآية عن عفو الأزواج،وجملة (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) خطاب لعموم المسلمين أن لا ينسوا المثل الإنسانية في العفو والصفح والإيثار في جميع الموارد.
وهذا ما ورد في الروايات الّتي وصلتنا من الأئمّة المعصومين عليهمالسلام في تفسير هذه الآية، وكذلك نرى أنّ المفسّرين الشّيعة قد اختاروا هذا الرّأي بالتّوجه إلى مضمون الآية والرّوايات الشريفة ، فذهبوا إلى أنّ المقصود في هذه العبارة هم أولياء الزّوجة.
ومن الطبيعي أن تطرأ ظروف تجعل الاضطرار إلى أخذ نصف المهر حتّى قبل الدّخول أمرا قد يثير مشاعر الرّجل وأقرباءه ويجرح عواطفهم وقد ينزعون إلى الانتقام ، ويحتمل أن تتعرّض سمعة المرأة وكرامتها إلى الخطر ، فهنا قد يرى الأب أنّ من مصلحة ابنته أن يتنازل عن حقّها.
جملة (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) تبيّن جانبا آخر من واجبات الزّوج الإنسانيّة ، وهو أن يظهر الزّوج التنازل والكرم فلا يسترجع شيئا من المهر إن كان قد دفعه ، وإن لم يكن دفعه بعد فمن الأفضل دفعه كاملا متنازلا عن النصف الّذي