سبعمائة حبّة ، وتضيف الآية بأنّ ثواب هؤلاء لا ينحصر بذلك (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ).
وذلك باختلاف النيّات ومقدار الإخلاص في العمل وفي كفيّته وكميّته. ولا عجب في هذا الثواب الجزيل لأنّ رحمة الله تعالى واسعة وقدرته شاملة وهو مطّلع على كلّ شيء (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
ويرى بعض المفسّرين أنّ المراد من الإنفاق في الآية أعلاه هو الإنفاق للجهاد في سبيل الله فقط لأنّ هذه الآية في الواقع تأكيد لما مرّ في الآيات التي تحدّثت عن قصة عزير وإبراهيم وطالوت ، ولكنّ الإنصاف أنّ مفهوم الآية أوسع من ذلك ومجرّد ارتباطها بالآيات السابقة لا يمكن أن يكون دليلا على تخصيص هذه الآية والآيات التالية لأنّ عبارة (فِي سَبِيلِ اللهِ) لها مدلول واسع يشمل كلّ مصارف الخير ، مضافا إلى أنّ الآيات التالية أيضا ورد فيها بحث الإنفاق بسورة مستقلّة ، وقد أشير كذلك في الروايات الإسلامية إلى عموم معنى الإنفاق في هذه الآية (١).
والجدير بالذكر أنّ هذه الآية تشبّه الأشخاص الذين ينفقون في سبيل الله بالبذرة المباركة التي تزرع في أرض خصبة في حين أنّ التشبيه عادة يجب أن يكون بين الإنفاق نفسه والبذرة أي أعمالهم لا أنفسهم ، ولذلك ذهب الكثير من المفسّرين أنّ في الآية حذف مثل كلمة (صدقات) قبل كلمة (الذين ينفقون) أو كلمة (زارع) قبل كلمة الحبّة وأمثال ذلك.
ولكن ليس هناك أي دليل على وجود الحذف والتقدير في هذه الآية ، بل إنّ تشبيه المنفقين بحبّات كثيرة البركة تشبيه رائع وعميق وكأنّ القرآن يريد أن يقول :
__________________
(١) «الطبرسي» في مجمع البيان بعد أن يذكر المفهوم الآية معنا واسعا يقول : وهو المروي عن أبي عبد اللهعليهالسلام.