كالجهاد في سبيل الله والأعمال ذات المنفعة العامّة التي تتطلّب بذل المال.
(لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
تطمئن هذه الآية المنفقين أنّ أجرهم محفوظ عند الله لكي يواصلوا هذا الطريق بثقة ويقين. فما كان عند الله باق ولا ينقص منه شيء ، بل أنّ عبارة (ربّهم) قد تشير إلى أن الله تعالى سيزيد في أجرهم وثوابهم.
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
سبق أن قلنا إنّ الخوف يكون من المستقبل ، والحزن على ما مضى. وعليه فإنّ المنفقين بعلمهم أنّ جزاءهم محفوظ عند الله لن ينتابهم الخوف من يوم البعث الآتي ، ولا هم يحسّون بالحزن على ما أنفقوه في سبيل الله.
وذهب البعض إلى أنّه لا خوف من الفقر والحقد والبخل والغبن وأمثال ذلك ولا حزن على ما أنفقوا في سبيل الله.
وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من أسدى إلى مؤمن معروفا ثمّ آذاه بالكلام أو منّ عليه فقد أبطل صدقته»(١) فالشخص الذي ينفق في سبيل الله ولم يرتكب مثل هذه الأعمال بعد ذلك لا يخشى بطلان إنفاقه ، والمفاهيم الإسلامية تؤكّد دقّة الشريعة المقدّسة في هذا المجال بحيث أنّ بعض العلماء الأقدمون قالوا : (إنّك إذا تصدّقت على شخص وتعلم أنّك إذا سلّمت عليه سيصعب عليه ذلك فيتذكر صدقتك عليه فلا تسلّم عليه) (٢).
* * *
__________________
(١) تفسير البرهان : ج ١ ص ٢٥٣ ح ١.
(٢) تفسير أبو الفتوح الرازي : ج ٢ ص ٣٦٤.