المستحبّ فليس إلزاميا لذلك ، فإنّ إظهار إنفاقه قد يشوبه شيء من الرياء وعدم خلوص النيّة ، فيكون الأجدر إخفاؤه.
٢ ـ قوله : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) يوضّح أن للإنفاق في سبيل الله أثرا في غفران الذنوب ، فالتكفير عن السيئات ـ أي تطغية الذنوب ـ كناية عن ذلك.
بديهيّ أنّ هذا لا يعني أنّ إنفاق بعض المال يذهب بكلّ ذنوب الإنسان ، ولذلك لا بدّ من ملاحظة استعمال «من» التبعيضية ، أي أنّ الغفران يشمل قسما من ذنوب الإنسان ، وأنّ هذا القسم يتناسب مع مقدار الإنفاق وميزان الإخلاص.
هنالك أحاديث كثيرة بشأن غفران الذنوب بالإنفاق وردت عن أهل البيت عليهمالسلام وفي كتب أهل السنّة.
من ذلك : «صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار»(١).
كما جاء أيضا : «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه : الإمام العدل ، والشابّ الذي نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه يتعلّق بالمساجد حتّى يعود إليها ، ورجلان تحابّا في الله واجتمعا عليه وافترقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنّي أخاف الله تعالى ، ورجل تصدّق فأخفاه حتّى لم تعلم يمينه ما تنفق شماله ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» (٢).
٣ ـ يستفاد من جملة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). هو أنّ الله عالم بما تنفقون سواء أكان علانية أم سرّا ، كما أنّه عالم بنيّاتكم وأغراضكم من إعلان إنفاقكم ومن إخفائه. على كلّ حال أنّ الذي له تأثير في الإنفاق هو النيّة الطاهرة والخلوص في العمل لله وحده ، لأنّه هو الذي يجزي أعمال العبد ، وهو عالم بما يخفي ويعلن.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٣٨٥.
(٢) المصدر السابق.