أهمّ الحروب الاجتماعية التي خاضها الإسلام.
يقول تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ)(١)(الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ).
فالآية تشبّه المرابي بالمصروع أو المجنون الذي لا يستطيع الاحتفاظ بتوازنه عند السير ، فيتخبّط في خطواته.
ولعلّ المقصود هو وصف طريقة «سير المرابين الاجتماعي» في الدنيا على اعتبار أنّهم أشبه بالمجانين في أعمالهم ، فهم يفتقرون إلى التفكير الاجتماعي السليم ، بل أنّهم لا يشخّصون حتّى منافعهم الخاصّة ، وأنّ مشاعر المواساة والعواطف الإنسانية وأمثالها لا مفهوم لها في عقولهم إذ أنّ عبادة المال تسيطر على عقولهم إلى درجة أنّها تعميهم عن إدراك ما ستؤدّي إليه أعمالهم الجشعة الاستغلالية من غرس روح الحقد في قلوب الطبقات المحرومة الكادحة وما سيعقب ذلك من ثورات وانفجارات اجتماعية تعرض أساس الملكية للخطر،وفي مثل هذا المجتمع سينعدم الأمن والاستقرار ، وستصادر الراحة من جميع الناس بمن فيهم هذا المرابي ، ولذلك فإنّه يجني على نفسه أيضا بعمله الجنوني هذا.
ولكن بما أنّ وضع الإنسان في العالم الآخر تجسيد لأعماله في هذا العالم فيحتمل أن تكون الآية إشارة إلى المعنيين. أي أنّ الذين يقومون في الدنيا قياما غير معتقّل وغير متوازن يخالطه اكتناز جنوني للثروة سسيحشرون يوم القيامة كالمجانين.
الطريف الروايات والأحاديث تشير إلى كلا المفهومين. ففي حديث عن
__________________
(١) «يتخبّطه» من مادة «الخبط» هو فقدان توازن الجسم عند المشي أو القيام.