١٩ ـ وآخر حكم تذكرة الآية هو أنّه ينبغي ألّا يصيب كاتب العقد ولا الشهود أيّ ضرر بسبب تأييدهم الحقّ والعدالة : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ).
والفعل «يضارّ» يعني ـ كما فسّرناه ـ أن لا يصيب الكتاب والشهود ضرر ، أي أنّه مجهول. ولا حاجة إلى تفسيره بأنّه يعني أن لا يصدر من الكاتب والشهود ضرر في الكتابة والشهادة ، بعبارة أخرى لا حاجة إلى اعتباره فعلا معلوما ، لأنّ هذا التأكيد ورد في فقرة سابقة من الآية.
ثمّ تقول الآية إنّه إذا آذى أحد شاهدا أو كاتبا لقوله الحق فهو إثم وفسوق يخرج المرء من مسيرة العبادة لله : (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ).
وفي الختام ، وبعد كلّ تلك الأحكام ، تدعو الآية الناس إلى التقوى وامتثال أمر الله:(وَاتَّقُوا اللهَ) ثمّ تقول إنّ الله يعلّمكم كلّ ما تحتاجونه في حياتكم الماديّة والمعنوية :(وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) وهو يعلم كلّ مصالح الناس ومفاسدهم ويقرّر ما هو الصالح لهم:(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
* * *
بحوث
١ ـ إنّ الأحكام الدقيقة المذكورة في هذه الآية لتنظيم الأسناد والمعاملات وذكر الجزئيّات أيضا في جميع المراحل في أطول آية من القرآن الكريم يبيّن الاهتمام الكبير الذي يليه القرآن الكريم بالنسبة للأمور الاقتصادية بين المسلمين وتنظيمها ، وخاصّة مع الالتفات إلى أنّ هذا الكتاب قد نزل في مجتمع متخلّف إلى درجة أنّ القراءة والكتابة كانتا سلعة نادرة جدّا ، وحتّى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو صاحب القرآن لم يكن قد درس شيئا ولم يذهب إلى مدرسة أو مكتب ، وهذا بنفسه