١٥ ـ ويجب على الشهود إذا دعوا إلى الشهادة أن يحضروا من غير تأخير ولا عذر كما قال : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا).
وهذا من أهم الأحكام الإسلامية ولا يقوم القسط والعدل إلّا به.
١٦ ـ تجب كتابة الدين سواء أكان الدين صغيرا أو كبيرا ، لأنّ الإسلام يريد أن لا يقع أيّ نزاع في الشؤون التجارية ، حتّى في العقود الصغيرة التي قد تجرّ إلى مشاكل كبيرة (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) (١) والسأم هو الملل من أمر لكثرة لبثه.
وتشير الآية هنا إلى فلسفة هذه الأحكام ، فتقول إنّ الدقّة في تنظيم العقود والمستندات تضمن من جهة تحقيق العدالة ، كما أنّها تطمئن الشهود من جهة أخرى عند أداء الشهادة ، وتحول من جهة ثالثة دون ظهور سوء الظنّ بين أفراد المجتمع (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا).
١٧ ـ إذا كان التعاقد نقدا فلا ضرورة للكتابة (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها).
«التجارة الحاضرة» تعني التعامل النقدي ، و «تديرونها» تعني الجارية في التداول لتوضيح معنى التجارة الحاضرة. وتعبير (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) يعني : ليس هناك ما يمنع من كتابة العقود النقدية أيضا ، وهو خير ، لأنّه يزيل كلّ خطأ أو اعتراض محتملين فيما بعد.
١٨ ـ في المعاملات النقدية وإن لم تحتج إلى كتابة عقد ، لا بدّ من شهود:(وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ).
__________________
(١) تقديم «الصغير» على «الكبير» من أجل أن الناس عادة يهملون المعاملات الصغيرة أو لا يلتزمون بكتابتها وهذا يؤدي إلى التنازع أو أنه يحتمل أن الناس يظنون أن كتابة المعاملات الصغيرة دليل على البخل ، ولذلك تعرض القرآن لنفيه.