أنّ كفرهم وقتلهم الأنبياء والآمرين بالقسط كان من جملة برنامجهم في الحياة فيرتكبون هذه الأعمال بصورة دائمة ومستمرّة (لأنّ الفعل المضارع يدلّ على الاستمراريّة).
وبطبيعة الحال إنّ هذه الأعمال كانت تصدر عادة من اليهود حيث نلحظ استمرارهم بهذه الأعمال في زماننا الحاضر بشكل آخر ، ولكنّ هذه لا يمنع من عموميّة مفهوم الآية أيضا.
ثمّ أنّ الآية تشير إلى ثلاثة عقوبات مترتّبة على ارتكاب هذه الذنوب ، ففي البداية تشير الآية (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
ثمّ تقول : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فلو فرض أنّهم عملوا بعض الأعمال الصالحة فإنّها ستمحى وتزول بسبب الذنوب الكبيرة التي يرتكبونها.
والثالث أنّ الآية تقول : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) فلا أحد يحميهم من العقوبات الإلهيّة التي تنتظرهم ولا أحد يشفع لهم في ذلك اليوم.
وسبق وأن قلنا في تفسير الآية ٦١ من سورة البقرة أنّ هذه الآية تشير إلى تاريخ اليهود المضطرب ، فهم فضلا عن إنكارهم آيات الله تجرّؤا على قتل الأنبياء ، كما كانوا يقتلون أتباع الأنبياء من المجاهدين ، ولكنّ هذا العمل لا يختصّ بهم وحدهم ، بل يصحّ بالنسبة إلى جميع الأقوام التي فعلت وتفعل فعلهم.
* * *
بحوث
١ ـ وضعت الآية الداعين إلى العدالة والآمرين بالمعروف في مصافّ الأنبياء. وترى الكفر بآيات الله ، وقتل الأنبياء ، وقتل هؤلاء ، على مستوى واحد ، وهذا منتهى اهتمام الإسلام بنشر العدالة في المجتمع.