ويتبيّن من الآية الثانية شدّة العقوبات التي ستنزل بالذين يقتلون أمثال هؤلاء الرجال الصالحين. وقد سبق أن قلنا إنّ «الحبط» لا يشمل جميع الذنوب ، بل للذنوب الكبيرة التي تذهب بآثار الأعمال الصالحة (١) وأخيرا عدم قبول أيّة شفاعة بحقّهم ، كدليل على عظم ذنوبهم.
٢ ـ المقصود من (بِغَيْرِ حَقٍ) ليس إمكان جواز قتلهم بحق ، بل المقصود هو القول بأنّ قتل الأنبياء كان دائما ظلما وبغير حقّ. فعبارة «بغير حقّ» قيد توضيحيّ للتوكيد.
٣ ـ يستفاد من عبارة (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أنّها تشمل الكفّار المعاصرين للنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، مع أنّا نعلم أنّ هؤلاء لم يقتلوا أحدا من الأنبياء. وقد أشرنا من قبل إلى السبب وقلنا إذا رضي أحد بفعال قوم وسلوكهم وأفكارهم ، فإنّه يكون شريكا لهم في أعمالهم الخيّرة والسيّئة. ولمّا كانت هذه الجماعة المعاصرة للنبيّ من الكفّار ـ وخاصّة اليهود ـ تؤيّد أعمال أسلافهم وجرائمهم ، فهم يشاركونهم فيما ينتظرهم من العقاب أيضا.
٤ ـ «البشارة» هي إخبار الرجل خبرا سارّا يبسط أسارير وجهه. واستعمال هذه الكلمة في الإخبار بالعذاب في هذه الآية وفي غيرها إنّما هو نوع من التهديد والاستهزاء بأفكار المذنبين. وهذا أشبه بما هو متداول بيننا اليوم ، إذ نقول ـ مستهزئين ـ لمن أساء الفعل : حسنا ، سوف نكافؤك على ذلك.
٥ ـ ورد في حديث عن أبي عبيدة الجراح أنّه قال سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أيّ الناس أشدّ عذابا في الآخرة؟
فقال : رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بالمعروف أو نهى عن منكر ثمّ قرأ(وَيَقْتُلُونَ
__________________
(١) انظر تفسير الآية ٢١٧ من سورة البقرة بخصوص «حبط».