كلام المفسّرين كثير في بيان سبب إطلاق هذه الكلمة على المسيح. إلّا أنّ أقربها إلى الذهن هو ولادة المسيح الخارقة للعادة والتي تقع ضمن : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١).
أو لأنّ البشارة بولادته قد جاءت في كلمة إلى أمّه.
كما أنّ لفظة «الكلمة» وردت في القرآن بمعنى «المخلوق» : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (٢).
ففي هذه الآية «كلمات ربي» هي مخلوقات الله. ولمّا كان المسيح أحد مخلوقات الله العظيمة فقد سمّي بالكلمة ، وهذا يتضمّن أيضا ردّا على الذين يقولون بالوهيّة المسيحعليهالسلام.
٢ ـ «المسيح» بمعنى الماسح أو الممسوح. وإطلاقها على عيسى إما لأنّه كان يمسح بيده على المرضى الميؤوس منهم فيشفيهم بإذن الله ، إذ كانت هذه الموهبة قد خصّصت له منذ البداية ، ولذلك أطلق الله عليه اسم المسيح قبل ولادته. أو لأنّ الله قد مسح عند الدنس والإثم وطهّره.
٣ ـ يصرّح القرآن في هذه الآية بأنّ عيسى هو ابن مريم ، وهو تصريح يدحض مفتريات المفترين عن الوهيّة المسيح. إذ أنّ من يولد من امرأة وتطرأ عليه جميع التحوّلات التي تطرأ على الجنين البشري والكائن المادّي لا يمكن أن يكون إلها ، ذلك الإله المنزّه عن كلّ أنواع التغيّرات والتحوّلات.
تشير الآية التي بعدها إلى إحدى فضائل ومعاجز عيسى عليهالسلام وهي تكلّمه في المهد (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ). فقد جاء في سورة مريم أنّه لدفع التهمة عن أمّه تكلّم في المهد كلاما فصيحا أعرب فيه عن عبودّيته لله ، وعن كونه نبيّا.
__________________
(١) يس : ٨٢.
(٢) الكهف : ١٠٩.