اثنين. فلا يكون في هذا أيّ تعارض مع تنظيم الاتّفاقية بصيغة الجمع. وذلك لأنّ هناك مرحلتين ، مرحلة «الاتفاق» ومرحلة «التنفيذ». ففي المرحلة الأولى قد تأتي الألفاظ بصيغة الجمع لكي تنطبق على جميع الحالات. ولكن في مرحلة التنفيذ قد تنحصر الحالة في فرد واحد ، وهذا لا يتنافى مع عمومية المسألة.
وبعبارة أخرى : كان على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بموجب اتفاقه مع مسيحيّي نجران ، أن يدعو للمباهلة جميع أبنائه وخاصّة نسائه وجميع من كانوا بمثابة نفسه. إلّا أنّ مصداق الاتّفاق لم ينطبق إلّا على ابنين وامرأة ورجل (فتأمّل!).
في القرآن مواضع متعدّدة ترد فيها العبارة بصيغة الجمع ، إلّا أنّ مصداقها لا ينطبق إلّا على فرد واحد. فمثلا نقرأ : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) (١) المقصود من «الناس» في هذه الآية هو «نعيم بن مسعود» حسب قول فريق من المفسّرين ، لأنّ هذا كان قد أخذ أموالا من أبي سفيان في مقابل إخافة المسلمين من قوّة المشركين.
وأيضا نقرأ : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) (٢). فهنا المقصود بـ «الذين» في هذه الآية ، على رأي كثير من المفسّرين ، هو «حي بن أخطب» أو «فنحاص».
وقد يطلق الجمع على المفرد للتكريم ، كما جاء عن إبراهيم : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) (٣). فهنا أطلقت كلمة «أمّة» وهي اسم جمع ، على مفرد.
٤ ـ كما أنّ آية المباهلة تفيد بأنّ أبناء البنت يعتبرون أبناء أبيها أيضا ، بخلاف ما كان سائدا في الجاهلية في اعتبار أبناء الابن فقط هم أبناء الجد ، إذ
__________________
(١) آل عمران : ١٧٣.
(٢) آل عمران : ١٨١.
(٣) النحل : ١٢٠.