تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فتأملت فيه ، وغاصت في معناه وتأثرت بندائه فقالت في نفسها : «إنه ليس هناك ما هو أحب إلي من هذا المصحف المزين الثمين فلأنفقه في سبيل الله» ، فأرسلت إلى باعة الجواهر وباعت جواهره وأحجاره الكريمة عليهم ثمّ هيأت بثمنها آبارا وقنوات من الماء في صحراء الحجاز ليشرب منه سكان الصحراء وينتفع به المسافرون ، ويقال أن بقايا هذه الآبار لا تزال باقية وتدعى (١) باسمها عند الناس.
وحتّى يطمئن المنفقون إلى أن أي شيء ممّا ينفقونه لن يعزب عن الله سبحانه ولن يضيع ، عقب الله على حثه للناس على الإنفاق ممّا يحبون بقوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) إنه يعلم بما تنفقونه صغيرا أم كبيرا ، تحبونه أو لا تحبونه.
* * *
__________________
(١) راجع تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٣ ص ١٥٧ في تفسير الآية.