أما وجه تسمية هذه الزيارة وهذه المناسك الخاصة بالحجّ فلأن قاصد الحجّ إنّما يخرج وهو «يقصد زيارة بيت الله» ولهذا أضيفت لفظة الحجّ إلى البيت فقال تعالى (حِجُّ الْبَيْتِ).
ثم إننا قد أشرنا سابقا إلى أن مراسم الحج هذه قد سنت وأسست منذ عهد إبراهيمعليهالسلام ثمّ استمرت حتّى العهد الجاهلي حيث كان العرب الجاهليون يمارسونها ويؤدونها ، ولكنها شرعت في الإسلام في صورة أكمل ، وكيفية خالية عن الخرافات التي لصقت بها من العهد الجاهلي (١) ولكن المستفاد من الخطبة القاصعة في نهج البلاغة وبعض الأحاديث والروايات أن فريضة الحج شرعت أول مرّة في زمن آدم عليهالسلام إلّا أن اتخاذها الصفة الرسمية يرتبط ـ في الأغلب ـ بزمن الخليل عليهالسلام.
إن الحجّ يجب على كلّ إنسان مستطيع ، في العمر مرّة واحدة ، ولا يستفاد من الآية المبحوثة هنا أكثر من ذلك ، لأن الحكم فيها مطلق ، وهو يحصل بالامتثال مرّة واحدة.
إن الشرط الوحيد الذي ذكرته الآية الحاضرة لوجوب الحجّ واستقراره هو «الاستطاعة» المعبر عنها بقوله سبحانه (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
نعم ، قد فسرت الاستطاعة في الأحاديث الإسلامية والكتب الفقهية بـ «الزاد والراحلة (أي الإمكانية المالية لنفقات سفر الحجّ ذهابا وإيابا) والقدرة الجسدية والتمكن من الإنفاق على نفسه وعائلته بعد العودة من الحجّ» والحقّ أن جميع هذه الأمور موجودة في الآية ، إذ لفظة «استطاع» التي تعني القدرة والإمكانية تشمل كلّ هذه المعاني والجهات.
__________________
(١) يستفاد من بعض الروايات أن تشريع هذه الفريضة في الإسلام كان في السنة العاشرة من الهجرة وأن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أمر جماعة ـ في تلك السنة ـ أن يؤذنوا في الناس بالحجّ ، ويهيئوا الناس لأداء هذه الفريضة ، وإن كان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وجماعة من صحبه قد سبق لهم أن أتوا بالعمرة قبل ذلك أيضا.