الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) والمخاطب في هذه الآية هم أهل الكتاب ويقصد منهم هنا اليهود ، فالله سبحانه يأمر نبيه في هذه الآية أن يسألهم معاتبا عن علّة كفرهم بآيات الله في حين أن الله يعلم بأعمالهم.
والمراد من آيات الله المذكورة في هذا المقام إما الآيات الواردة في التوراة حول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلائم نبوته ، أو مجموعة الآيات والمعجزات التي نزلت على نبي الإسلام ، وتحققت على يديه ، وكشفت عن حقانيته ، وصدق دعوته ، وصحّة نبوته.
ثمّ جاءت الآية الثانية تلومهم قائلة (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ ، تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) أي قل يا رسول الله لهم لائما ومنددا : إذا كنتم غير مستعدين للقبول بالحقّ ، فلما ذا تصرون على صرف الآخرين عنه ، وصدهم عن سبيل الله ، وإظهار هذا الطريق المستقيم في صورة السبيل الأعوج بما تدخلون من الشبه على الناس ، في حين ينبغي ـ بل يتعين ـ أن تكونوا أول جماعة تبادر إلى تلبية هذا النداء الإلهي ، لما وجدتموه من البشائر بظهور هذا النبي في كتبكم وتشهدون عليه.
فإذا كان الأمر كذلك فلم هذه الوساوس والمحاولات لإلقاء الفرقة وإضلال الناس ، وإزاحتهم عن سمت الحقّ ، وصدهم عن السبيل الإلهي القويم؟ ولم تحملون أثقالا إلى أثقالكم، وتتحملون إلى إثم الضلال جريمة الإضلال؟ ، لماذا؟
هل تتصورون أن كلّ ما تفعلونه سيخفى علينا؟ كلّا (... وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) إنه تهديد بعد تنديد ، وإنه إنذار بعد لوم شديد.
ولعلّ وصفه سبحانه بعدم الغفلة في هذا المقام لأجل أن اليهود كانوا ـ لإنجاح محاولاتهم ـ يتكتمون ويتسترون ، ويعمدون إلى حبك المؤامرات في الخفاء ، لينجحوا في التأثير على المغفلين والبسطاء بنحو أفضل ، وليجنوا المزيد من الثمار ،