مواقعهم في صفوف المتقين لن يضيع الله لهم عملا ، وإن كانوا قد ارتكبوا في سابق حالهم ما ارتكبوه من الآثام ، وما اقترفوه من المعاصي ، ذلك لأنهم قد أعادوا النظر في سلوكهم وأصلحوا مسارهم ، وغيروا موقفهم.
والمراد من كلمة «الكفر» هنا هو ما يقابل الشكر ، لأن الشكر يعني أصلا الاعتراف بالنعمة والجميل ، والكفر يعني إنكار ذلك ، فيكون المراد في هذه الآية هو أن الله لن ينكر أعمالهم الصالحة ، ولن يتنكر لها.
كيف (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) وكأن هذه العبارة التي يختم بها سبحانه الآية الحاضرة تشير إلى حقيقة من الحقائق الهامة وهي : أن المتقين وإن كانوا قلة قليلة في الأغلب ، وخاصة في جماعة اليهود الذين عاصروا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان المسلمون المهتدون منهم قلة ضعيفة ، ومن شأن ذلك أن لا تلفت كميتهم النظر ، ولكنهم مع ذلك يعلمهم الله بعلمه الذي لا يعزب عنه شيء ، فلا موجب للقلق ، ولا داعي للاضطراب ما دام سبحانه يعلم بالمتقين على قلتهم ، ويعلم بأعمالهم ، فلا يضيعها أبدا قليلة كانت أو كثيرة.
* * *