والملفت للنظر هو أن أول صفة ذكرت للمتقين هنا هو «الإنفاق» لأن هذه الآيات تذكر ـ في الحقيقة ـ ما يقابل الصفات التي ذكرت للمرابين والمستغلّين في الآيات السابقة. هذا مضافا إلى أن غض النظر عن المال والثروة في السرّاء والضراء من أبرز علائم التقوى.
٢ ـ أنهم قادرون على السيطرة على غضبهم : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ).
ولفظة «الكظم» تعني في اللغة شد رأس القربة عند ملئها ، فيقول كظمت القربة إذا ملأتها ماء ثمّ شددت رأسها ، وقد استعملت كناية عمن يمتلئ غضبا ولكنه لا ينتقم.
وأما لفظة «الغيظ» فتكون بمعنى شدّة الغضب والتوتر والهيجان الروحي الشديد الحاصل للإنسان عند ما يرى ما يكره.
وحالات الغيظ والغضب من أخطر الحالات التي تعري الإنسان ، ولو تركت وشأنها دون كبح لتحولت إلى نوع من الجنون الذي يفقد الإنسان معه السيطرة على أعصابه وتصرفاته وردود فعله.
ولهذا فإن أكثر ما يقترفه الإنسان من جرائم وأخطاء وأخطرها على حياته هي التي تحصل في هذه الحالة ، ولهذا تجعل الآية «كظم الغيظ» و «كبح جماح الغضب» الصفة البارزة الثانية من صفات المتقين.
قال النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم «من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا».
وهذا الحديث يفيد أن كظم الغيظ له أثر كبير في تكامل الإنسان معنويا ، وفي تقوية روح الإيمان لديه.
٣ ـ أنهم يصلحون عمن ظلمهم (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ).
إن كظم الغيظ أمر حسن جدا ، إلّا أنه غير كاف لوحده ، إذ من الممكن أن