اللغة ـ كلّ ضعف يصيب الجسم أو الروح أو يصيب الإرادة والإيمان.
على أن عبارة (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) عبارة غنية بالمعاني حرية بالنظر والتأمل. إذ هي تعني أن هزيمتكم إنما كانت بسبب فقدانكم لروح الإيمان وآثارها ، فلو أنكم لم تتجاهلوا أوامر الله سبحانه لم يصبكم ما أصابكم ، ولم يلحقكم ما لحقكم ، ولكن لا تحزنوا مع ذلك ، فإنكم إذا ثبتم على طريق الإيمان كان النصر النهائي حليفكم ، والهزيمة في معركة واحدة لا تعني الهزيمة النهائية.
ثمّ إنه سبحانه يقول : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) وبذلك يعطي للمسلمين درسا آخر للوصول إلى النصر النهائي. و «القرح» جرح يصيب البدن بسبب اصطدامه بشيء خارجي.
فيكون معنى الآية أن عزيمتكم لا ينبغي أن تكون أقل من عزيمة الأعداء ، فهم رغم ما لحقهم من خسائر فادحة في الأرواح والأموال ـ في بدر ـ حيث قتل منهم سبعون ، وجرح وأسر كثير ، فإنهم لم يقعدوا عن منابذتكم ومقاتلتكم ، ولم يصرفهم ذلك عن الخروج إلى محاربتكم ، بل تلافوا في هذه المعركة ما فاتهم ، وتداركوا هزيمتهم ، فإذا أصبتم في هذه المعركة بهزيمة شديدة فإن عليكم أن لا تقعدوا حتّى تتلافوا ما فاتكم ف (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) ، فلما ذا الوهن ولماذا الحزن إذن؟
ويذهب بعض المفسّرين إلى أن الآية تشير إلى الجراح التي لحقت بالكفّار في أحد، ولكن هذا لا يستقيم لأن الجراح التي لحقت بالكفّار في أحد لم تكن مثل الجراح التي لحقت بالمسلمين ، هذا أولا ، وكذلك لا يتناسب مع الجملة اللاحقة التي سيأتي تفسيرها فيما بعد ثانيا ، ألا وهي قوله سبحانه : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ).
ففي هذا القسم يشير سبحانه إلى واحدة من السنن الإلهية وهي أنه قد تحدث