وعلى هذا الأساس فإن جميع البرامج والتشكيلات المرتبطة بالأشخاص والقائمة بوجودهم الشخصي هي في الحقيقة برامج وتشكيلات غير سليمة ولا طبيعية ، وهي معرضة للزوال والفناء في أية لحظة.
وممّا يؤسف له أن يكون أغلب التشكيلات الإسلامية اليوم من هذا القبيل ، أي أنها قائمة بالأشخاص ، ولذلك فهي سرعان ما تزول وتتهاوى وتتلاشى عند ما يغيب الأشخاص بذواتهم عن الساحة.
إن على المسلمين أن يستلهموا من هذه الآية فيقيموا مؤسساتهم المتنوعة المختلفة بنحو يستفاد فيها من مواهب الأشخاص اللائقين الموهوبين دون أن يكون مصيرها مرتبطا بمصيرهم حتّى لا تندثر بتغيرهم أو غيابهم.
ثمّ إن جماعة كثيرة من المسلمين ارعبوا وزلزلوا لشائعة مقتل النبي في أحد ـ كما أسلفنا ـ إلى درجة أنهم تركوا ساحة المعركة ، وفروا بأنفسهم من الموت وحتّى أن بعضهم فكر في الردة عن الإسلام فكان قوله سبحانه : (وَما) (كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) وهو يكرر توبيخهم ، وتنبيههم إلى أن الموت بيد الله ، والفرار لا ينفع في الخلاص من الأجل الإلهي ، فإذا صحّ أن النبي قتل في المعركة ونال الشهادة لم يكن ذلك إلّا تحقيقا لسنة إلهية ، فلما ذا خاف المسلمون وكفوا عن القتال؟؟
ومن ناحية أخرى أن الفرار من المعركة لا يدفع الأجل كما أن مواصلة القتال والبقاء في المعركة لا يقرب هو الآخر أجلا ، فالفرار من ميدان الجهاد حفاظا على النفس لغو لا فائدة فيه.
وهناك بحث حول معنى الأجل ، وأن منه حتميا ، ومنه معلقا ، والفرق بين النوعين سنوافيك به في تفسير الآية الثانية من سورة الأنعام بإذن الله تعالى.
وبعد عرض هذه الحقائق يعقب سبحانه على ما قال بقوله : (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ