فألحق بالمعقول الذى لا يحس ، وذلك الوهمى ، (كما) أى : كالمشبه به (فى قوله) أى : فى قول امرئ القيس : (أيقتلنى) (١) والاستفهام للإنكار أى : كيف يقتلنى زوج سلمى (والمشرفى) أى والحال أن : السيف المشرفى ، أى : المنسوب إلى مشارف ، ومشارف الأرض أعاليها ، قيل : إن المقصود بها هنا قرى من أعلى أرض العرب تقرب من الريف ، وهى أرض المياه والخضر والزرع ، كما فى القاموس ، فالمشارف جمع ، والنسبة إليه إفرادية ، فلا يقال : والمشارفى (مضاجعى) خبر المشرفى أو مبتدأ ، ومضاجعته السيف عبارة عن ملازمته ؛ لأن لزومه حال الاضطجاع يستلزم لزومه فى غير ذلك من باب أحرى ، ويحتمل أن يكون المقصود نفس مضاجعته إشارة إلى أنه لا يحاول قتله ولا يطمع فيه إلا فى حال اضطجاعه ، وفى حال الاضطجاع معه المشرفى فلا يوصل إليه (ومسنونة زرق) عطف على المشرفى ، أى كيف يقتلنى والسيف والسهام المسنونة ، أى : المحدودة تضاجعنى ، ووصفها بالزرقة إشارة إلى أنها مجلوة مصقولة معدة لتناولها واستعمالها وجمعها ، كما دل عليه قوله : زرق ، دليل على إرادة السهام لا الرماح ، كما قيل ؛ لأن العادة جرت بعدم استصحاب الجماعة من الرماح بخلاف السهام ، ثم شبه المسنونة فقال : وهى (كأنياب أغوال) ، ولا شك أن المشبه به هنا وهو أنياب الأغوال ليس وهميا بالاعتبار السابق فى الفصل والوصل ؛ إذ ليس معنى جزئيا موجودا فى المحسوس يدرك من غير طرق الحواس كالعداوة فى زيد ، وإنما هو صورة مفردة منعدمة خارجا ، ولو وجدت وأدركت لأدركت بالحواس فإن الغول (منعدم) وأنيابه وصفتها منعدمة تبعا له ، ولذلك لم يكن خياليا ؛ لأن مادة الخيالى موجودة كما تقدم فى أعلام ياقوت إلخ ، ويرد ههنا أن يقال : إن اعتبرت الأنياب على حدة فهى موجودة ، وإنما انتفت باعتبار نسبتها إلى الأغوال ، وكذا أعلام الياقوت ورماح الزبرجد إنما وجد كل منهما باعتبار قطعه عما نسب إليه ، وإلا فالأعلام المنسوبة إلى الياقوت لا وجود لها أيضا ، وكذا الرماح المنسوبة للزبرجد فيكونان على هذا وهميين لعدم وجودهما تبعا لما
__________________
(١) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص (٣٣) ، ولسان العرب (غول) (شطن) وتهذيب اللغة (٨ / ١٩٣) ، وجمهرة اللغة (٩٦١) ، وتاج العروس (زرق) وبلا نسبة فى المخصص.