نسبا إليه كأنياب الأغوال. والجواب : أن المنسوب إليه هنا منعدم ، فتبعه المنسوب والمنسوب إليه فيما تقدم ، وهو الياقوت والزبرجد موجود ، ولا يقال : موجود هنا أيضا باعتبار ما صور بصورته كالسبع ؛ لأنا نقول : فرق بين وجود الشيء بنفسه ووجود ما صور بصورته ، وهما على أنا نقول : لا نسلم تعين تصويره بصورة السبع ، بل نقول : صور بصورة وهمية هى أفجع وأطول وأهول ، فيكون التشبيه بالأنياب فى الحدة لا فى القدر ، فإنه أعظم مما يقدر ، ثم إن هذه الصورة الوهمية المنعدمة ينبغى أن يبين أصل اختراعها ، ومن أين صح فى النفس إنشاؤها ، وبيان ذلك أن يعلم كما أشرنا إليه فيما تقدم أن من القوى الباطنية قوة تسمى مخيلة ، وتسمى مفكرة ، وهى الأصل فى اختراعها وإنشائها ، وهى قوة لا ينتظم عملها ، بل تتصرف بها النفس كيف شاءت ، فإن استعملتها بواسطة الوهم سميت متخيلة أو بواسطة العقل سميت عاقلة ومفكرة ، وهى أبدا لا تسكن يقظة ولا مناما ، ومن شأنها تركيب الصور المحسوسة وتفصيلها كتركيب رأس الحمار على جثة الإنسان ، وإثبات إنسان له جناحان وتفصيل أجزاء الإنسان عنه حتى يكون إنسانا بلا يد ولا رجل ولا رأس ، ومن شأنها أيضا تركيب المعانى مع الصور بإثباتها لها ، ولو على وجه لا يصح كإثبات العداوة للحمار والعشق للحجر والضحك للشجر ، وتفصيلها عنها لنفيها ولو على وجه لا يصح كنفى الجمود عن الحجر والمائعية عن الماء ، ومن أجل ذلك تخترع أمورا لا حقيقة لها حتى أنها تصور المعنى بصورة الجسم والعكس ، فإن اخترعتها بواسطة تركيب صور مدركة بالحس سمى ما اخترعته خياليا ، كما تقدم فى أعلام الياقوت ، وإن اخترعتها بما لم يحس كما إذا سمع أن الغول شيء يهلك فانتقل من الإهلاك إلى ملزومه حسا كالأسد فيصوره من ذلك بصورة مخترعة بخصوصها مركبة مع أنياب مخترعة بخصوصها أيضا سمى وهميا ، وقد تقدم وجه تحقق الفرق بينه وبين الخيالى ، (و) دخل فى العقلى أيضا (ما يدرك بالوجدان) ، والذى يدرك بالوجدان هو الذى يدرك بالقوى الباطنية ، مثل : القوة التى يدرك بها الشبع ، والتى يدرك بها الجوع ، وكالقوة الغضبية التى يدرك بها الغضب ، وكذا التى يدرك بها الغم والفرح والخوف ونحو ذلك ، فهذه الأشياء توجد بقوى باطنية بسبب تكيف تلك القوى بها