وهو واضح ؛ لأن الإضافة بأدنى سبب (سنن) خبر كأن أى : كأن النجوم بين ظلم الليل سنن فى وصفها أنها (لاح) أى : ظهر (بينهن) أى : بين تلك السنن (ابتداع) أى : بدعة ، وهى الأمر الذى اتخذ مأمورا به شرعا ، وليس كذلك ، كما أن السنة ما تقرر كونه مأمورا به شرعا بقول الشارع أو بفعله أو ما يجرى مجرى ذلك من تقريره صلوات الله تعالى وسلامه عليه ، ثم إن المشبه هنا ، وهى النجوم ، وصفها بكونها ظهرت بين أجزاء ظلمة الليل ، ومعلوم أن اللائح بين أجزاء الشيء من مقتضى كونه لائحا كذلك كونه أضعف وأقل من الذى أحاطت به أجزاؤه ، وأن الذى وقع اللوحان فى جنبه كان باديا ظاهرا لا يفتقر إلى إثبات ظهوره ، وإنما يفتقر إلى إثبات ظهور ذلك اللائح ؛ ولذلك وصف النجوم هنا بأنها لاحت لقلتها وضعفها بالنسبة إلى قوة الظلمة فى جميع النواحى ، وإن كانت أحق بالوصف بذلك لذاتها ؛ لأن الموصوف باللوحان والظهور هو المضيء لا المظلم ، كالهواء عند عدم إشراقه ، لما اعتبر اللوحان فى النجوم لما ذكر كان المطابق لهذا الاعتبار فى المشبه به أن يكون اللائح هو السنن المقابلة للنجوم والملوح فى جنبه هو البدع المقابلة للظلمة ، لكنه عكس وأوقع القلب فى المشبه به فجعل اللائح هو الابتداع والملوح فى جنبيه هو السنن ، وكأن السر فى ذلك الإيماء إلى أن كون السنن أكثر والابتداع باعتبارها أقل ، وإنما أفرد الابتداع مع أن المطابق لمقابله وهو الدجى الجمعية لما أشرنا إليه وهو المطابق لقوله فى جنب شيء إلخ ، من كون الأصل الإفراد ؛ إذ ظلمة الليل واحدة ، وإنما جمعها باعتبار القطع من الظلمة فى النواحى وأجزائها ، ثم بين وجه الشبه هنا مع بيان سبب كونه غير متحقق فى أحد الطرفين ، فقال : (فإن وجه الشبه) أى : إنما قلنا : إن الوجه هنا غير متحقق ؛ لأن وجه الشبه (فيه) فى هذا التشبيه (هو الهيئة الحاصلة) أى : المتحققة والمتقررة (من حصول أشياء مشرقة) أى : مضيئة (فى جنب) أى : فى جهة (شيء مظلم أسود) بأن تبدو تلك الأشياء فى خلل ذلك المظلم الأسود ، وقولنا : فى تفسير الحاصلة ، أى : المتحققة إلخ ، إشارة إلى أن تلك الهيئة هى نفس الحصول إلى آخره ، فحصول الهيئة بذلك الحصول كحصول الجنس بالنوع ، بمعنى أن الهيئة تتحقق خارجا بهذا الحصول ، كما تتحقق وتتقرر بغيره لأن هذا الحصول سبب