بيان لها مجمل لها على حدة ، ويحتمل أن يراد بالهيئة الحالة اللازمة لذلك الحصول ، أعنى كون أشياء حصلت فى جنب شيء أسود ، فيظهر التباين بين الحصول والهيئة ، ومثل هذا يتقرر فى كل ما كان مثل هذا الكلام ، فليفهم.
وإذا علم أن وجه الشبه هو الهيئة المذكورة (فهى) أى : فتلك الهيئة معلوم أنها (غير موجودة فى المشبه به) الذى هو السنن الكائنة بين البدع ، ضرورة أن الإشراق لكونه حسيا لا تتصف به السنة لكونها عقلية محضة ؛ إذ هى عائدة إلى كون الشيء مأمورا به شرعا ، وهو كذلك فى نفس الأمر ، والحكم بذلك أصله العلم الموجب للهدى والإظلام لكونه حسيا أيضا ، لا تتصف به البدعة لكونها عقلية محضة ، إذ هى عائدة إلى الحكم بكون الشيء مأمورا به مع أنه ليس كذلك فى نفس الأمر ، وأصله الجهل الموجب للغى والضلال ؛ وإنما وجدت تلك الهيئة حقيقة فى المشبه وهو ظاهر ، ولا يقال الحصول إلى آخره ليس بحسى ؛ لأنا نقول : المراد بالحسى ـ كما تقدم ـ ما يعم ما تعلق بحسى فتحقق بهذا أن الوجه لم يوجد فى المشبه به (إلا على طريق التخييل) أى : إلا على السبيل الذى هو تخيل الوهم كون الشيء حاصلا مع أنه ليس كذلك فى نفس الأمر ، ثم أشار إلى بيان سبب التخييل المذكور فقال : (وذلك) أى : وكون وجود الهيئة المذكورة فى المشبه به حاصلا على سبيل التخييل سببه (أنه) أى : أن الشأن هو هذا ، وهو قوله : (لما كانت البدعة) التى إنما ترتكب بسبب الجهل بموجب تركها (و) كذا (كل ما) أى : كل فعل (هو جهل) أى : ارتكابه يسمى جهالة لحصوله عن الجهل بموجب تركه (يجعل صاحبها) أى : صاحب تلك البدعة ، يعنى وكل ما هو جهالة (كمن يمشى فى الظلمة) وإذا كان صاحب الفعل الذى لا يرتكبه إلا الجاهل يجعل كالماشي فى الظلمة فالجهل نفسه أحرى أن يجعل صاحبه كذلك ؛ لأنه السبب فى كون صاحب الفعل كذلك ، وإنما حملنا الكلام على ما ذكر ، ولم نحمله على ظاهره للعلم بأن البدعة اصطلاحا ليست هى نفس الجهل ، ولو كان ارتكابها عن جهالة ، وإذا كانت كذلك فالمعطوف عليها ينبغى أن يكون من جنسها ، ومثل هذا يتقرر فى السنة فيعلم أيضا حكم محض العلم فى التشبيه من باب أحرى (فلا يهتدى) أى : وحيث كان كمن