ليس فيه إلا انفتاح أولا والطباق آخرا ؛ وإنما يوجد في أثناء القراءة تقليب الورقات ، والمقصود في التشبيه المعنى الأول ؛ لأن تكرر ما يفنى بالانطباق والانفتاح في البرق هو الموجود كثيرا ، فههنا في المصحف حركات لأن طرفيه يتحركان عند الانفتاح إلى جهتي اليمين والشمال فالطرف الأيمن إلى اليمين والأيسر إلى الشمال ، وأعلى كل من الطرفين يتحرك من علو إلى سفل وعند الانطباق يتحرك كل طرف إلى جهة الآخر فيتحرك الأيمن إلى الشمال والأيسر إلى اليمين فيلتقيان في الوسط ، وأعلى كل من الطرفين يتحرك حينئذ من سفل إلى علو فتقرر بهذا أن الحركة في كل حالة إلى جهة واحدة باعتبار العلو والسفل وإلى جهتين باعتبار اليمين والشمال ، فمن عبر بإفراد الجهة أو تثنيتها فبالاعتبارين ، فافهم ووجه الشبه هو هيئة تقارن هذه الحركات مع تكررها وهي حسية حقيقية في المصحف وفي البرق تخييلية ؛ وذلك لأن الواقع فيه ظهور بالوجود وخفاء بالانعدام ، فإذا وجد وظهر تخيل فيه أن إشراقه لانفتاح فيه أظهر باطنه.
ووجه الشبه هو هيئة تقارن هذه الحركات مع تكررها وهى حسية حقيقية فى المصحف وفى البرق تخييلية ؛ وذلك ؛ لأن الواقع فيه ظهور بالوجود وخفاء بالانعدام ، فإذا وجد وظهر تخيل فيه أن إشراقه لانفتاح فيه أظهر باطنه كإظهاره باطن المصحف من لون الأوراق وإشراقها ، وإذا انعدم وخفى تخيل فيه أن ثم باطنا خفى لانطباق فيه كما في المصحف ، وقد تقدم أن وجه الشبه يكفى فيه تخيل الوجود ولإعانة ظهور الإشراق الذى هو في معنى اللون فى هذا التشبيه ورد أن الحركة هنا أيضا روعى معها غيرها من أوصاف الجسم وهو الإشراق والتلون ، وقد يجاب بأن قوله : فانطباقا مرة وانفتاحا أشار به إلى وجه الشبه كما ذكرنا ، ولم يدل صراحة إلا على الحركات ، وإن لزم مع ذلك ظهور الإشراق فلا يعد داخلا لعدم اعتباره ، إذ لم يدل عليه صراحة ، ولا يخلو الجواب من ضعف ؛ لأن دلالة الالتزام غير مهجورة ، لا سيما كمال الوجه في أحد الطرفين ، إنما هو بالتخيل المبنى على الإشراق الظاهر ، فكيف لا يعتبر بما لولاه لم يدرك الوجه في أحد الطرفين مع وجود الاشتراك فيه ، ويزداد الوجه به تركيبا موجبا للدقة المطلوبة ، تأمل.