تعرضت لهم غمامة وهم فى غاية الحاجة إلى مارجوا فيها من الماء لعطشهم ، وبنفس ما طمعوا فى نيل الشرب منها تفرقت وذهبت.
فإذا سمع السامع كما أبرقت قوما عطاشا غمامة فربما يتوهم أن ما يؤخذ منه يكفى فى التشبيه لطوله ؛ إذ فيه أن قوما ظهرت لهم غمامة وكون تلك الغمامة رجوا منها ما يشرب وكونهم فى غاية الحاجة لذلك الماء الموجود لعطشهم ، فإذا انتزعه من هذا الشطر وحده كان حاصل التشبيه أن الحالة الأولى كالحالة التى هى إبراق الغمامة لقوم إلخ فى كون كل حالة فيها ظهور شيء لمن هو فى غاية الحاجة إلى ما فيه مع كون ذلك الظاهر مطمعا فى حصول المراد ، فيقع الخطأ من ذلك السامع ، وكذا المتكلم لو فرض تصريحه بهذا القدر ؛ لأن المعنى المراد أو الذى يناسب أن يراد فى التشبيه لم يتم ؛ إذ تشبيه المجموع بالمجموع يقتضى كما تقدم أن يؤخذ الوجه من كل ماله دخل فى التشبيه ؛ لأن كل جزء من طرف له نظير من الطرف الآخر فإذا أسقط ما يؤخذ منه فى ذلك الوجه بطل اعتبار المجموع.
(ف) وجب أن يؤخذ من المجموع ، ل (أن المراد) من هذا التشبيه كما قررنا (التشبيه) أى : تشبيه الحالة بجميع ما اعتبر فيها كما أشرنا إليه بالحالة الثانية بجميع ما اعتبر فيها وهى كون القوم ظهرت لهم غمامة وهم عطاش فأطمعتهم فى حصول الماء للشرب ، وبنفس الإطماع ذهبت ، فأيسوا من حصول المراد فبقوا متحيرين ، ولا يتم التشبيه المحصل لدخول جميع ما اعتبر فى الحالتين إلا (ب) اعتبار (اتصال) أى : إلا بكون الوجه هو اتصال (ابتداء مطمع) أى : ابتداء شيء مطمع هو ظهور السحاب فى المشبه به وظهور المرغوب فى المشبه ، وهذا على أن ابتداء مضاف لمطمع ، ويحتمل أن ينون ويكون مطمع وصفا له ، وعلى كل حال فقوله : (بانتهاء مؤيس) متعلق باتصال وإعراب الانتهاء كإعراب الابتداء ، والمعنى أن وجه الشبه كون ابتداء الشيء الظاهر المطمع متصلا بانتهائه واضمحلاله المؤيس ، ويراد فيه مع شدة الحاجة إلى ذلك المطمع ، فإذا انتزع الوجه هكذا تحقق به تشبيه الحالة الاجتماعية بالأخرى ، وانتفى الخطأ اللازم على الأخذ الأول القاصر ، فالباء فى قوله : باتصال داخلة على الوجه ؛ إذ هو المشترك فيه